حدثنا شعبة، قال: حدثنا سعيد بن أبي بردة [ثقة ثبت، روى له الجماعة]، قال: سمعت أبي [أبو بردة بن أبي موسى الأشعري: ثقة، من الثالثة] يحدث، أنه شهد ابن عمر ورجل يماني يطوف بالبيت، حمل أمه وراء ظهره، يقول:
إني لها بعيرها المذلل … إن أُذعِرت ركابها لم أُدْعَرُ … أحملها وما حملتني أكثر
ثم قال: يا ابن عمر أتراني جزيتها؟ قال: لا، ولا بزفرة واحدة. ثم طاف ابن عمر، فأتى المقام فصلى ركعتين ثم قال: يا ابن أبي موسى، إن كل ركعتين تكفران ما أمامهما.
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (١١)، والحسين المروزي في البر والصلة (٣٧)، والفاكهي في أخبار مكة (١/ ٣١٢/ ٦٤٢)، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (٢٣٢)، وإبراهيم الحربي في غريب الحديث [عزاه إليه: الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف (٢/ ٢٦٧)]، والبيهقي في الشعب (١٠/ ٣١٢/ ٧٥٥٠)، وابن الجوزي في البر والصلة (٥).
وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح، ولم يستفصل ابن عمر من الرجل؛ هل هذا الطواف كان عنه وعن أمه جميعاً، أم عن أمه وحدها؟ ومعلوم أن ترك الاستفصال في وقائع الأحوال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال، مما يدل على أنه رأى صحة طواف الرجل وأمه، والله أعلم.
ب - وروى عبد الله بن المبارك [ثق حجة، إمام فقيه]، وعلي بن الجعد [ثقة ثبت]:
أخبرنا أبو الأشهب جعفر بن حيان [العطاردي البصري: ثقة]، عن الحسن، قال: بينا رجل يطوف بأمه قد حملها على عنقه رفع رأسه إليها، فقال: يا أمه، تريني جزيتكِ؟ وابن عمر قريب منه، فقال: أي لكع، لا والله، ولا طلقة واحدة. لفظ ابن الجعد. أخرجه الحسين المروزي في البر والصلة (٣٨)، والفاكهي في أخبار مكة (١/ ٣١٢/ ٦٤٣)، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (٢٤٣).
وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح، والحسن البصري قد لقي ابن عمر، وسمع منه [المراسيل (١٥١ - ١٥٣). تحفة التحصيل (٦٨ و ٧٣ و ٧٤)].
• وروى حيي بن عبد الله المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي [عبد الله بن يزيد المعافري: تابعي ثقة، من الثالثة]، قال: كنت جالساً مع عبد الله بن عمر بن الخطاب، ورجل من أهل اليمن يطوف بأمه يحملها بين كتفيه، حتى إذا قضى طوافه بالبيت وضعها، فدعاه ابن عمر، فقال: ما هذه المرأة منك؟ فقال: هي أمي، فقال عبد الله بن عمر: وددت لو أني أدركتُ أمي، فطفتُ بها كما طفت بأمك، وليس لي من الدنيا إلا هذان النعلان.
أخرجه ابن وهب في الجامع (٩١ - الآداب)، ومن طريقه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (٢٦١).
قلت: يمكن أن يقال: لا يصح هذا من حديث أبي عبد الرحمن الحبلي، فإن حيي بن عبد الله المعافري: منكر الحديث فيما تفرد به عن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال فيه ابن عدي؛ فيما رواه ابن وهب، عن حيي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن
