الوليد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر، أن النبي ﷺ بدأ بالطواف، فطاف على راحلته ليشرف على الناس.
أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٧٣ - مسند ابن عباس).
• وهذا وهم على ابن جريج، فقد رواه جماعة من أثبت الناس في ابن جريج، فرووه عنه، عن أبي الزبير عن جابر، والراوي عنه هنا: الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو: ثقة ثبت، له أوهام على الحجازيين، والراوي عنه: يحتمل أن يكون: عمرو بن الحارث بن الضحاك الزبيدي الحمصي: روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في الميزان (٣/ ٢٥١): «عن عبد الله بن سالم الأشعري فقط، وله عنه نسخة، تفرد بالرواية عنه: إسحاق بن إبراهيم بن زبريق، ومولاة له اسمها علوة، فهو غير معروف العدالة، وابن زبريق: ضعيف»، قلت: ولعل قول ابن حبان عنه في الثقات (٨/ ٤٨٠): «مستقيم الحديث»، وقوله عنه في صحيحه (١٣/ ٤٦٦/ ٦١٠٠): «حمصي ثقة»؛ يحمل على بعض مروياته التي سبرها ابن حبان فوجدها مستقيمة في متونها، ووثقه لأجلها، وإلا فإن له أوهاما [راجع فضل الرحيم الودود (٣/ ١٠١/ ٢٢٦) و (٧/ ٢٨٧/ ٦٥٣) و (١٠/ ١٧٨/ ٩٣٦)]، وعمرو بن الحارث الحمصي هذا: يروي عنه محمد بن عوف الطائي من كتابه، فيقول: قرأت في كتاب عمرو بن الحارث، فالله أعلم ممن وقع الوهم فيه كما يحتمل أيضا: أن يكون الراوي عن الوليد بن مسلم هو: عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، وهو: ثقة، مكثر عن الوليد بن مسلم، ولكن لا يعرف محمد بن عوف بالرواية عنه.
والأشبه عندي أن يكون: عمرو بن حفص بن شليلة الثقفي البزاز، وهو: صدوق، معروف بالرواية عن الوليد، وروى عنه: محمد بن عوف [الجرح والتعديل (٦/ ٢٢٩). الثقات (٨/ ٤٨٦). اللسان (٦/ ١٩٩). الثقات لابن قطلوبغا (٧/ ٣٣٩)]، والله أعلم.
• قال ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٩٣): «وهذا خبر لم يذكر فيه: وبين الصفا والمروة غير ابن جريج، وإنما المحفوظ في هذا: حديث ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس: أن النبي ﷺ طاف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه.
وهذا الحديث وإن كان ثابت الإسناد عندهم صحيحا؛ فإن العلماء قد أجمعوا على أنه لم يكن لغير عذر وضرورة. واختلفوا في العذر؛ فقال سعيد بن جبير وطائفة: كان شاكيا. وقال آخرون: بل كان ذلك منه لشدة ما غشيه من السائلين ليشرف لهم ويعلمهم ويفهمهم، وذلك في حين طوافه بالبيت لا بين الصفا والمروة. وقد وهم فيه ابن جريج حين ذكر فيه الصفا والمروة، لأن ذلك كان منه في طواف الإفاضة، والله أعلم».
وقال ابن كثير في البداية (٧/ ٤٥٣): «فهذا محفوظ من حديث ابن جريج، وهو مشكل جدا، لأن بقية الروايات عن جابر وغيره تدل على أنه ﵊ كان ماشيا بين الصفا والمروة، وقد تكون رواية أبي الزبير عن جابر بهذه الزيادة وهي قوله: وبين الصفا والمروة؛ مقحمة أو مدرجة ممن بعد الصحابي، والله أعلم، أو أنه عليه الصلاة