لأن النبي ﷺ قال لعمر: «إن وجدت خلوة فاستلمه، وإلا فاستقبله وهلل وكبر»؟ قال القاضي: من شرط الطواف الاستقبال، فلا يجوز أن يبتدئ الطواف غير مستقبل للركن … » [كذا قال].
• قلت: قد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن ابن عمر، وجابر بن عبد الله: أن النبي ﷺ استلم الركن في أول الطواف، ولم يقولا: استقبل، ثم إنه قد ثبت أن النبي ﷺ طاف على بعير واستلم الركن بمحجن كان معه، والاستلام على البعير يعسر معه الاستقبال:
• ففي حديث عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، أن ابن عمر ﵄، قال: تمتع رسول الله ﷺ في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، … فساق الحديث بطوله، إلى أن قال: فطاف حين قدم مكة، واستلم الركن أول شيء، ثم خب ثلاثة أطواف ومشى أربعا، … الحديث. [أخرجه البخاري (١٦٩١)، ومسلم (١٧٤/ ١٢٢٧)].
• وفي حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر … ، وذكر حديث الحج بطوله، وفيه: قال جابر ﵁: حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن، فرمل ثلاثا ومشى أربعا، … الحديث. [أخرجه مسلم (١٢١٨ و ١٢٦٣)].
• وفي حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: رأيت رسول الله ﷺ يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمحجن معه، ويقبل المحجن. وفي رواية: رأيت النبي ﷺ يطوف بالبيت على راحلته، يستلم الركن بمحجنه، ويقبل المحجن. [أخرجه مسلم (٢٥٧/ ١٢٧٥)].
• وفي حديث ابن عباس؛ أن رسول الله ﷺ طاف في حجة الوداع على بعير، يستلم الركن بمحجن. [أخرجه البخاري (١٦٠٧)، ومسلم (٢٥٣/ ١٢٧٢)].
• وفي حديث أبي الزبير؛ أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: طاف رسول الله ﷺ بالبيت في حجة الوداع على راحلته، يستلم الحجر بمحجنه، لأن يراه الناس، وليشرف، وليسألوه؛ فإن الناس غشوه. [أخرجه مسلم (٢٥٤ و ٢٥٥/ ١٢٧٣)].
• وفي حديث سليمان بن المغيرة: أخبرنا حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، قال: قال أبو ذر: خرجنا من قومنا غفار، وكانوا يحلون الشهر الحرام، فخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا … ، وموضع الشاهد منه: وجاء رسول الله ﷺ حتى استلم الحجر، وطاف بالبيت هو وصاحبه، … ، فذكر الحديث بطوله في قصة إسلام أبي ذر.
وفي رواية: دخل رسول الله ﷺ المسجد، فبدأ بالحجر، فاستلمه، ثم طاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام ركعتين. [أخرجه مسلم (١٣٢/ ٢٤٧٣) و (١٨٢/ ٢٥١٤)].
• وإنما صح الاستقبال من فعل عمر في حديثه المشهور، ففي رواية: رأيت عمر بن الخطاب استقبل الحجر، ثم قال: إني لأعلم أنك حجر، لولا أني رأيت رسول الله ﷺ يقبلك ما قبلتك، ثم تقدم فقبله. فنسب إلى رسول الله ﷺ التقبيل، ولم ينسب إليه الاستقبال.