قلت: وهذا حديث منكر؛ تفرد به عن حماد بن سلمة، وخالف عامة الثقات الحفاظ من أصحاب حماد: الحسين بن خالد أبو الجنيد الضرير، وهو: ليس بثقة [تاريخ بغداد (٨/ ٥٧٠). تاريخ الإسلام (٥/ ٣٠٠). المغني (١٥٢٠). اللسان (٣/ ١٦١ و ٣١٩)].
• والحاصل: فإن هذا الحديث قد رواه عبد الرحيم بن سليمان الرازي، وأبو زيد ثابت بن يزيد الأحول، وجرير بن عبد الحميد، وحماد بن سلمة، وفضيل بن سليمان النميري، وعلي بن عاصم الواسطي، ومحمد بن أبي الضيف، وغيرهم: عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، قال: سمعت ابن عباس، يقول: قال رسول الله ﷺ: «ليأتين هذا الحجر يوم القيامة، وله عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحق».
وقد صححه: ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وحسنه الترمذي، واحتج به الدارمي.
وقد روي أيضاً مرفوعاً: من حديث علي بن أبي طالب، وعائشة، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وموقوفاً على عمر بن الخطاب، وسلمان الفارسي، ولا يثبت من هذا شيء، غالبها مناكير وأباطيل، لا تصلح في الشواهد وأقواها: ما رواه ابن جريج، قال: حدثت عن سلمان الفارسي، أنه كان قاعداً بين زمزم والركن والمقام، والناس يزدحمون على الركن، فقال لجلسائه: أتدرون ما هذا؟ فقالوا: نعم، هذا الحجر، قال: قد أدري، ولكنه من حجارة الجنة، والذي نفسي بيده ليُحشَرنَّ يوم القيامة له عينان وشفتان ولسان، يشهد لمن استلمه بحق [أخرجه عبد الرزاق (٥/ ٢٥٠/ ٩١٦٥)، والأزرقي في أخبار مكة (١/ ٣٢٥)، والفاكهي في أخبار مكة (١/٩٣/٢٨)] [وفي سنده انقطاع].
وقد كان عبد الله بن عثمان بن خثيم مختصاً بسعيد بن جبير، مكثراً عنه، مصاحباً له، يحتمل منه التفرد عنه، وهو: صدوق.
فإن قيل: لم يكن ابن خثيم بالحافظ، بل كان سيئ الحفظ، فإنه وإن وثقه ابن معين والنسائي في رواية عنهما، فقد ليناه في أخرى، فقال ابن معين - في رواية الدورقي عنه -: «أحاديثه ليست بالقوية»، وقال النسائي في المجتبى (٥/ ٢٤٨/ ٢٩٩٣) في الخطبة قبل يوم التروية: «ابن خثيم ليس بالقوي في الحديث، … ، ويحيى بن سعيد القطان لم يترك حديث ابن خثيم ولا عبد الرحمن، إلا أن علي بن المديني قال: ابن خثيم منكر الحديث، وكأن علي بن المديني خُلِق للحديث»، هكذا قال النسائي، وهكذا نقل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٥/ ١١٢) عن عمرو بن علي الفلاس قوله: «كان يحيى وعبد الرحمن