للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأعمش، ثم إن الأعمش لم يصرح بسماعه من مجاهد، وقد تقدم الكلام على سماع الأعمش من مجاهد في فضل الرحيم الودود (٥/ ٤٦٤/ ٤٨٩)، والضابط فيه: أن نقبل ما صرح فيه الأعمش بالسماع من مجاهد - من طريق صحيح ثابت عنه، وطرح ما سوى ذلك؛ فإنه مما دلسه ولم يسمعه من مجاهد؛ فإنه لا يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة، لا يثبت منها إلا ما قال فيها: سمعت، فهو قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يرويه عن مجاهد: مدلس عن الضعفاء والمتروكين.

فإن قيل: ألست ممن يقول: كان شعبة لا يحمل عن شيوخه إلا ما سمعوه من شيوخهم، لا سيما قتادة والأعمش وأبا إسحاق السبيعي، فقد قال فيهم: «كفيتكم تدليس ثلاثة»، ثم ذكرهم [معرفة السنن والآثار (١/ ٨٦) قال ابن حجر: «فهذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة: أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلت على السماع، ولو كانت معنعنة» [طبقات المدلسين (٥٨) النكت على كتاب ابن الصلاح (٢/ ٦٣٠ - ٦٣١)].

فيقال: نعم؛ لكن هل هو ثابت مشتهر عن شعبة؟ أم هو حديث غريب؟ ثم إن شعبة قد ينشط لتحمل الحديث عنهم لغرابته حتى لو لم يصرحوا بالسماع، وإن كان ذلك قليلا: فقد روى شعبة، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله : «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ». [أخرجه البخاري (٧٢٣)، ومسلم (٤٣٣)، وأبو داود (٦٦٨)]

وكان يغلب على ظن شعبة أن قتادة لم يسمعه من أنس، فقد روى عنه جماعة من أصحابه ما يدل على ذلك، فمنها:

ما وقع في رواية ابن مهدي؛ أن شعبة قال: «لم أداهن إلا في هذا الحديث»، وقال مرة أخرى: «ما سمعت من رجل حديثا إلا قال لي: حدثني، أو حدثنا؛ إلا حديثا واحدا»، فذكره، ثم قال: «فكرهت أن يفسد علي من جودة الحديث».

وقال مرة أخرى: سمعت شعبة يقول: كنت أنظر إلى فم قتادة، فإذا قال للحديث: حدثنا، عنيت به، فوقفته عليه، وإذا لم يقل: حدثنا، لم أعن به، وإنه حدثنا عن أنس بن مالك، عن النبي ، قال: «سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصف من تمام الصلاة، فكرهت أن أوقفه عليه فيفسده علي، فلم أوقفه عليه».

وقال يحيى بن سعيد القطان: سمعت شعبة يقول: كنت أنظر إلى فم قتادة، ولم أتغافل إلا في حديث؛ خشيت أن يفسده علي، وهو ما قال لي عن أنس: أن النبي قال: «سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة».

وقال علي بن المديني: «سمعت يحيى يقول: كل شيء حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس: فهو على السماع من أنس؛ إلا حديث إقامة الصف، قال: قلت ليحيى: شعبة أجمل هذا لك؟ قال: نعم».

وقال شعبة في رواية حبان بن هلال: «قتادة أخبرني عن أنس، ولم يسمعه من أنس».

<<  <  ج: ص:  >  >>