قال ابن جرير:«وهذا الخبر يحتمل أن يكون ما ذكر فيه من نحر علي عن الحسين الناقة قبل حلقه رأسه، ثم حلقه رأسه بعد النحر - إن كان على ما رواه مجاهد عن يزيد؛ - كان على وجه الإحلال من الحسين من إحرامه للإحصار عن الحج بالمرض الذي أصابه، وإن كان على ما رواه يعقوب عن هشيم من نحر علي عنه الناقة بعد حلقه رأسه؛ أن يكون على وجه الافتداء من الحلق، وأن يكون كان يرى أن نسك الفدية يُجزئ نحره دون مكة والحرم».
قلت: والأخير هو الأشبه، وهو أنه افتدى لحلق شعر رأسه بموضع الحلق، ولا يحتج به على أنه أحل من إحرامه، وذلك أنه علق نحر الجزور بحلق الرأس، ولو كان تحللاً من الإحرام لأجل الفوات، أو المرض؛ لفعل ذلك بمجرد ظهور المرض المانع من الوصول إلى الحرم.
قال ابن حزم:«إنما أتينا بهذا الخبر لما فيه من أنه كان معتمراً؛ فهذا علي، والحسين، وأسماء، رأوا أن يحل من عمرته ويهدي في موضعه الذي كان فيه، وهو قولنا».
قلت: إنما كانت هذه الواقعة في الحج، كما وقع النص على ذلك في رواية هشيم، كما أن أصحابه تركوه لما خافوا الفوات، ولا يكون ذلك بالعمرة، وتقدم بيان أن ذلك كان لأجل فدية الحلق، لا لأجل التحلل.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٤/ ٢٧٣): «وفي ترك عبد الله بن جعفر لحسين مريضاً دليل على أنه خاف فوت الحج، وكذلك تركه، وأيقن أن أباه سيلحقه، فلحقه أبوه مع امرأته، لأن النساء ألطف بتمريض المرضى، وكانت أسماء بنت عميس كأمه زوجة لأبيه، فلذلك أتى بها علي أبوه ﵄ لتمرضه».
ب - وروى عباد بن العوام [ثقة]، قال: أخبرنا الحجاج بن أرطاة، عن من سمع عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب، مثل قول ابن عباس وابن الزبير في المحصر [يعني ما ساقه قبله: عن ابن عباس، وابن الزبير، ومروان بن الحكم؛ أجمعوا في أمر سعيد بن حزابة المخزومي، وكان أصابه جدري وحصر؛ فأجمعوا على أن يبعث بهدي فينحر عنه ويحل].
أخرجه محمد بن الحسن في الحجة على أهل المدينة (٢/ ١٨٥).
وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل المبهم، وحجاج بن أرطاة: ليس بالقوي، يدلس عن الضعفاء والمتروكين والرواية المحال عليها منكرة.
ج - وروى المثنى قال: حدثنا إسحاق: ثنا بشر بن السري [ثقة متقن]، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، قال: سئل علي ﵁ عن قول الله ﷿: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي﴾، فإذا أحصر الحاج بعث بالهدي، فإذا نحر عنه حل، ولا يحل حتى ينحر هديه.