سأل الحجاج بن عمرو الأنصاري عمن حبس وهو محرم؟ فقال: قال رسول الله ﷺ: «من عرج أو كسر أو حبس فليجزي مثلها وهو في حِلَ، قال: فحدثت به أبا هريرة فقال: صدق، وحدثته ابن عباس فقال: قد أُحصر رسول الله ﷺ فحلق، ونحر هديه، وجامع نساءه حتى اعتمر عاماً قابلاً.
فعرف بهذا السياق القدر الذي حذفه البخاري من هذا الحديث والسبب في حذفه: أن الزائد ليس على شرطه؛ لأنه قد اختلف في حديث الحجاج بن عمرو على يحيى بن أبي كثير عن عكرمة، مع كون عبد الله بن رافع ليس من شرط البخاري، … »، ثم ذكر من أخرجه من طريق الحجاج الصواف، ثم من أخرجه من طريق معمر، ثم ذكر كلام الترمذي والبخاري، ثم قال:«فاقتصر البخاري على ما هو من شرط كتابه، مع أن الذي حذفه ليس بعيداً من الصحة، فإنه إن كان عكرمة سمعه من الحجاج بن عمرو فذاك، وإلا فالواسطة بينهما - وهو عبد الله بن رافع -: ثقة، وإن كان البخاري لم يخرج له. وبهذا الحديث احتج من قال: لا فرق بين الإحصار بالعدو وبغيره، كما تقدمت الإشارة إليه، واستدل به على أن من تحلل بالإحصار، وجب عليه قضاء ما تحلل منه، وهو ظاهر الحديث، وقال الجمهور: لا يجب، وبه قال الحنفية، وعن أحمد روايتان، … ».
• قلت: أما الطرف الذي اقتصر عليه البخاري من حديث ابن عباس: فهو حديث صحيح، ويشهد له حديث جابر، لكنه لا يدل على وجوب القضاء، وقد سبق الكلام عن مسألة حصر العدو في الجزء الرابع والعشرين من الفضل (٢٤/ ١٠٣/ ١٧٥١)، ومما قلت هناك:
ليس معنا حديث صريح في إيجاب القضاء على من أُحصر بعدو، كما أن القول بإيجاب البدل في الهدي من قابل، لمن ذبح هديه لما أُحصر بالعدو: يحتاج لدليل قوي، والقول بالإبدال تفرد به: أبو حاضر عثمان بن حاضر، وهو مقل من الرواية، وقد وثقه أبو زرعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحاكم:«شيخ من أهل اليمن، مقبول صدوق»، وأين أصحاب ابن عباس من هذا الحكم الذي تعم به البلوى في حكم الإحصار، فلم يخبر به ابن عباس أحداً من أصحابه المكثرين عنه، وفيهم من يروي عنه المناسك، … ، إلى أن قلت: ثم إن عثمان بن حاضر هذا قد خالف أحد أصحاب ابن عباس الثقات المشاهير المكثرين عنه:
• فقد رو روح بن عبادة، عن شبل بن عباد المكي، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس ﵄: قال: إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ، فأما من حبسه عدو أو غير ذلك، فإنه يحل ولا يرجع، وإن كان معه هدي وهو محصر نحره، إن كان لا يستطيع أن يبعث به، وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي محله.
علقه البخاري في الصحيح قبل الحديث رقم (١٨١٣)، وعلقه البيهقي في السنن (٥/ ٢١٨)، وفي المعرفة (٧/٤٨٩/١٠٧٩١)، وذكر ابن حجر من وصله في التغليق