تحت الحديث رقم (١٨٤٦)، وهو حديث منكر]، ثم قال:«وهذه الأحاديث عن عمرو بن دينار عن الزهري غير محفوظات، يرويها عن عمرو: محمد بن ثابت هذا»، ثم ختم ترجمته بقوله:«ولمحمد بن ثابت غير ما ذكرت وليس بالكثير، وعامة أحاديثه مما لا يتابع عليه».
قلت: وهذا حديث منكر، تفرد به عن عمرو بن دينار بهذا الإسناد دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم: محمد بن ثابت العبدي، وهو ليس بالقوي، تفرد بأحاديث أنكرت عليه، قال البخاري:«يخالف في بعض حديثه»، وقال ابن حبان:«يرفع المراسيل، ويسند الموقوفات، توهماً من سوء حفظه، فلما فحش ذلك منه بطل الاحتجاج به»، وقال ابن عدي:«وعامة أحاديثه مما لا يتابع عليه»، وقد أنكر عليه هذا الحديث، وقال بأنه غير محفوظ [المجروحين (٢/ ٢٥١). الكامل (٧/ ٣١٣). الميزان (٣/ ٤٩٥). التهذيب (٣/ ٥٢٦)(١١/ ٣٧٤ - ط دار البر). فضل الرحيم الودود (١/٥٣/١٦)].
قلت: أما ابن عدي فأنكره، وأما أبو القاسم البغوي فأعل به حديث حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس، وقال:«وليس هذا مما سمع عمرو من ابن عباس»، حيث قبل الزيادة في الإسناد من قبل محمد بن ثابت العبدي، وإذا عدنا للنظر فيمن مشاه من النقاد، وجدنا ابن معين والنسائي قالا:«ليس به بأس»، وقد ثبت عنهما أيضاً جرحه، أما ابن معين فقال:«ليس بشيء»، وقال مرة:«ضعيف»، وأنكر أن يكون عدله، وأما النسائي فلينه وقال:«ليس بالقوي»، ولم يوثقه سوى لوين والعجلي، والجمهور على تليينه مثل أبي حاتم وغيره، وقد أنكروا عليه حديث نافع عن ابن عمر في التيمم، لذلك فإني أميل إلى ما ذهب إليه ابن عدي، وهو أقعد بهذا الفن من أبي القاسم البغوي.
وعليه فقد ثبت عن حماد بن زيد أنه قال: حدثنا عمرو بن دينار، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة، قال: أُتي رسول الله ﷺ بودان بحمار وحش فرده، وقال:«إنا حُرُمٌ، لا نأكل الصيد». وقال مرة: ببعض حمار وحشي، أو: بلحم حمار. [ويمكن تأويله على ما سبق ذكره في حديث حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس].
وهذا إسناد صحيح، رجاله غاية في الضبط والإتقان، ورواية حماد بن زيد عن عمرو في الصحيحين، وعمرو بن دينار قد سمع ابن عباس، ثبت سماعه في الأسانيد، وأخرج له الشيخان أحاديث يسيرة عن ابن عباس [انظر: التحفة (٦٢٩٩ و ٦٣٠٠ و ٦٣٠١ و ٦٣٠٤ و ٦٣٠٥ و ٦٣٠٦)]، وإن كان عمرو عادة ما يروي عن ابن عباس بواسطة: أبي الشعثاء جابر بن زيد، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس بن كيسان، وسعيد بن الحويرث، وكريب، وعكرمة، وأبي معبد موالي ابن عباس، وغيرهم، لكن عمرو بن دينار لا يُعرف بالتدليس، فهو محمول على السماع؛ إلا ما نص النقاد على أحاديث بعينها لم يسمعها عمرو من ابن عباس [راجع: التهذيب (١٠/ ٦٦ - ط دار البر)].
لكن يبقى إعراض المصنفين عن حديث حماد بن زيد هذا، فقد أخرج النسائي