للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وقال محمد بن الحسن في الآثار (١/ ٣٥٦/ ٣٦٥) بعد حديث أبي حنيفة عن نافع عن ابن عمر: «وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وما عدا عليك من السباع فقتلته فلا شيء عليك».

وقال في الحجة على أهل المدينة (٢/ ٢٤٣ - ٢٥٦): «عن أبي حنيفة قال: جاءت الآثار في خمس من الدواب من قتلهن وهو مُحرم فلا جناح عليه الغراب، والحدأة، والعقرب، والفارة، والكلب العقور.

قال أبو حنيفة في الذئب: هو مثل الكلب العقور، فأما ما سوى ذلك مثل: الأسد، والنمر والفهد، والضبع والثعلب، وأشباههن، فكل ما لم يؤذك من ذلك فقتلته، فعليك فيه الهدي، ولا يجاوز به الدم، وأما ما آذاك من ذلك فقتلته فلا شيء عليك.

وقال أهل المدينة في الكلب العقور: إن كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم، مثل: الأسد والنمر والفهد، والذئب فهو الكلب العقور، وأما ما كان من السباع التي لا تعدو مثل: الضبع والثعلب والهر، وما أشبههن من السباع فلا يقتله المحرم، وإن قتله فداه.

وقال محمد: إنما جاء الأثر في الكلب العقور، وإنما هو عندنا الكلب خاصة، وليس على غيره، إلا أن يعدو عليك فيكون بمنزلة الكلب العقور، وإنما قلنا في الذئب: لا شيء على من قتله، وإن لم يعد؛ للأثر الذي بلغنا عن ابن عمر ، … »، فذكره.

ثم قال: «وأما قول أهل المدينة: أن الضبع لا يعدو، وإنما جعلوه فيما يعدو، فهي أشد عدواً وأخبث من الذئب، وإنما يؤخذ في هذا بما جاء عن عمر بن الخطاب نه أنه قتل ضبعاً، وأمر بكبش فذبح، وقال: أنا ابتدأت بها. ولذلك نقول ما ابتدأته من السباع ولم يعد عليك فعليك فيه الفداء، وما ابتدأك فقتلته فلا شيء عليك فيه، وهذا قياس قول عمر الذي روي عنه، قلت: الضبع مستثنى من السباع لكونه صيداً، وسيأتي الكلام عليه في الباب الآتي إن شاء الله تعالى.

ثم قال: وقال أهل المدينة: وأما ما ضرَّ من الطير فلا يقتله المحرم إلا ما سمى النبي الغراب والحدأة، فإن قتل المحرم شيئاً من الطير سواهما فداه.

وقال محمد بن الحسن: لا يقتل المحرم من الطير شيئاً لم يبتدئه بإيذاء إلا الغراب والحدأة، فأما العقاب التي تقتل الإنسان ونحوه: فإن آذت الإنسان وهو محرم فقتلها فلا شيء عليه، لأنها تعدو فتقتل، وقد زعموا أن ما عدا من السباع فلا بأس بأن يقتله المحرم، وأن لم يعد عليه إذا كان مما يعدو عليه، والعقاب تعدو، فربما فقأت العين وربما ضربت الضرب الشديد، ينبغي أن لا يروا بقتلها بأساً وإن لم تعد، ولكنا لا نقول هذا، إن لم ترده فقتلها فعليه الجزاء، وإن أرادت المحرم فقتلها فلا شيء عليه»، ثم احتج على صحة قوله بالضبع، وما روي فيه من آثار، إلى أن قال: «وكذلك السبع فقتله مكروه للمحرم، فإن عدا عليه حل له من قتله ما يحل من دم الحر المسلم، … ».

<<  <  ج: ص:  >  >>