كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود

٥ - كتاب المناسك - ٤٠ - باب ما يقتل المحرم من الدواب - ج: 28 - ص: 678

ذلك شيء، وأقصد بذلك أن مجرد إصابة المحرم بالقمل في رأسه أمر وارد، فلم يُسأل الناس عن قتل القمل المؤذي ولا عن كفارته، لإباحة ذلك عندهم، وقد دل على ذلك ما ثبت عن ابن عمر وابن عباس في إباحة قتله، واستنكار السؤال عن الكفارة، ولكن الذي حصل لكعب بن عجرة واقعة غير معتادة، ولم يكن تفلية شعره ولا قتل قمله؛ لم يكن ذلك ليعالج مشكلته، ولا ليرفع عنه ما وقع به من البلاء الشديد، ولا ينجع في ذلك إلا حلق الشعر بالكلية ليرتفع عنه الداء، ويكون به قضاء التفث، فإذا فعل ذلك سقط عنه نسك حلق الشعر بعد الانتهاء من الطواف والسعي؛ فلذا وجبت الفدية، لا لكونه ترفه بإماطة الأذى عن نفسه، ثم إنه أمر بالفدية لأجل حلق الشعر، لقوله ﷺ: «احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك بشاة»، فرتب الكفارة على الحلق وحده، ولم يأمره بفدية لأجل قتل القمل، والله أعلم.

• وقلت أيضاً: لا يثبت شيء في جزاء القملة عن أحد من الصحابة، والصحيح أنه لا فدية فيها، قال ابن حزم في الإعراب عن الحيرة والالتباس (٢/ ٧٤٣): «ومَوَّهُوا في قولهم: من قتل قملة أو جرادة أطعم شيئاً؛ برواية عن ابن عمر فيهما، وعن ابن عباس في الجرادة، لا متعلق لهم بغير بهذا، وقد صح عن ابن عمر وابن عباس: لا شيء على المحرم في قتل القملة».

وقال أبو بكر ابن المنذر في الإشراف (٣/ ٢٦٦): «لا شيء فيها، وليس مع من أوجب عليه في قتلها فدية: حجة». ونقلت هناك أقوال الفقهاء في المسألة.

• مسألة: في المحرم يقتل النملة:

١ - عن ابن عباس:

• يرويه: إسحاق بن سعيد بن عمرو بن العاص [إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص: كوفي، ثقة، من السابعة، من رجال الشيخين]، قال: سمعت أبا حرب الأموي، يذكر عن عطاء، عن ابن عباس ﵄؛ أنه قال: ليس في البعوض، ولا في النملة، ولا في الذباب فدية على المحرم.

أخرجه محمد بن الحسن الشيباني في الحجة على أهل المدينة (٢/ ٢٦٥).

قلت: وهذا غريب من حديث عطاء بن أبي رباح، تفرد به عنه من لا يُعرف بالرواية، وهو: أبو حرب الأموي، سلم بن زياد بن أبي سفيان بن حرب: كان أميراً ليزيد بن معاوية على خراسان، لا يُعرف بالرواية، وإنما يُعرف بالرواية ابنه زياد أبو المغيرة [انظر: التاريخ الأوسط (٢/٣٠/١٦٧٩). التاريخ الكبير (٣/ ٣٥٨). كنى مسلم (٩٢٠). كنى الدولابي (٢/ ٤٥٢). الجرح والتعديل (٣/ ٥٣٤). الثقات (٦/ ٣٢٤). الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (٣/ ٧٠/ ٢٠٥٥). فتح الباب (٢٣٨٤). تاريخ دمشق (٢٢/ ١٤٢). الثقات لابن قطلوبغا (٤/ ٣٤٨)].