المسيب أن عكرمة قال: تزوج رسول الله ﷺ ميمونة وهو محرم، فقال: كذب عكرمة، قدم رسول الله ﷺ وهو محرم، فلما حلّ تزوجها.
أخرجه البلاذري في أنساب الأشراف (١/ ٤٤٥) [وبسنده تحريف].
د - ورواه جرير بن حازم بصري، ثقة، معروف بالرواية عن ابن إسحاق، قال: سمعت محمد بن إسحاق، يحدث عن عبد الله بن أبي نجيح، وأبان بن صالح؛ أن مجاهداً حدثهم، عن ابن عباس؛ أن رسول الله ﷺ تزوجها وهو حرام يعني: ميمونة. وكان ابن عمر وسعيد بن المسيب ينكران ذلك.
أخرجه إسحاق بن راهويه (٢/ ٤٩٧/ ٢٥٧٤). [تقدم تخريجه في طرق حديث عطاء عن ابن عباس، ومجاهد عن ابن عباس].
وهو حديث صحيح، لكن لا ندري من القائل: وكان ابن عمر وسعيد بن المسيب ينكران ذلك.
والحاصل: فإنه قد ثبت عن سعيد بن المسيب أنه وهم ابن عباس في هذا النقل.
* قال الخطابي في غريب الحديث (٣/ ٢٥٠): حدث ابن المسيب: وَهَمَ ابْنُ عباس في تزويج ميمونة، يقال: وَهَمَ الرجل إذا ذهب وهمه إلى الشيء، ووَهِمَ: مكسورة الهاء؛ إذا غلط، وأوهم إذا أسقط. فأما قول عائشة، وذكر لها قول ابن عمر في قتلى بدر: وَهَلَ ابن عمر، فمعناه غلط، يقال: وَهَلَ الرجل يهل وهلاً، إذا غلط.
وقال في إصلاح غلط المحدثين (٨٧): «حديث ابن المسيب: وَهَمَ ابن عباس في تزويج ميمونة. يُقالُ: وَهَم الرجلُ، إذا ذهبَ وَهَمُهُ إلى الشيء. ووَهِمَ فيه، مكسورة الهاء، إذا غَلِطَ. وأَوْهَمَ: إِذا أَسْقَطَ».
• قال أحمد في رواية المروذي: «أذهب إلى حديث نبيه بن وهب» [يعني: حديث عثمان بن عفان]، فقال له المروذي: إن أبا ثور قال لي: بأي شيء تدفع حديث ابن عباس؟ فقال أبو عبد الله: «الله المستعان، قال سعيد بن المسيب: وهم ابن عباس، وميمونة تقول: تزوج وهو حلال، وقال: إن كان ابن عباس ابن أخت ميمونة؛ فيزيد بن الأصم ابن أخت ميمونة، … » [التعليقة الكبيرة (١/ ٤٧٤). شرح العمدة لابن تيمية (٤/ ٦٣١ - ط عطاءات العلم). الفتح (٩/ ١٦٥)].
وقال أبو الحارث: سئل أبو عبد الله - يعني: أحمد - عن حديث ابن عباس: أن النبي ﷺ تزوج ميمونة وهو محرم، فقال: «هذا الحديث خطأ» [التعليقة الكبيرة (١/ ٤٧٤)]
قلت: وإيراد أبي داود في سننه لأثر ابن المسيب فيه إشارة لترجيح قول أحمد في هذه المسألة، وأنه يأخذ بحديث ميمونة: أن النبي ﷺ تزوجها وهو حلال، لاسيما وقد افتتح الباب بحديث عثمان، ثم أتبعه بحديث يزيد بن الأصم عن ميمونة، ثم لما أخرج حديث ابن عباس أتبعه بإنكار سعيد بن المسيب له وتوهيم ابن عباس، والله أعلم.