كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود

٥ - كتاب المناسك - ٣٨ - باب المحرم يغتسل - ج: 28 - ص: 301

عما يمتنع عنه المحرم، لكن فعل النبي ﷺ لم يدل على ذلك، وإنما يدخل المكلف في الإحرام إذا أهل بالإحرام ولبى، كما قالت عائشة: لا يُحرم إلا من أهل أو لبى، وقد تقدم بيان ذلك؛ فراجعه وقلت أيضاً: فتبين بذلك أن الإحرام يكون بالإهلال والتلبية؛ لا بالتقليد؛ ومن قلد فلا يلزمه الإحرام حتى ينوي الدخول في النسك، والله أعلم.

وأزيد هنا: أن قيس بن سعد؛ كما أخطأ في جعل التقليد موجباً للإحرام، فكذلك أخطأ حين امتنع من غسل الشعر وترجيله بسبب الإحرام، والصواب: أن الإحرام لا يمنع المحرم من غسل شعره، ولا من ترجيله، وقد فعله النبي ﷺ، كما في حديث أبي أيوب، وقد أمر النبي ﷺ عائشة وهي محرمة بعمرة أن تنقض رأسها وتمتشط وتهل بالحج، فتصير قارنة، على ما سيأتي بيانه، إن شاء الله تعالى.

والحاصل: فقد ثبت أن النبي ﷺ اغتسل وهو محرم لدخول مكة، ثبت ذلك من حديث ابن عمر [ويأتي ذكره]، وكذلك ثبت أنه ﷺ كان يغسل رأسه وهو محرم [كما تقدم في حديث أبي أيوب]، كما ثبت في الصحيحين أن النبي ﷺ أمر عائشة أن تنقض رأسها وتغتسل وتمتشط وهي محرمة بعمرة لكي تدخل عليها الحج فتصير قارنة [ويأتي ذكر ذلك في أثناء نقل كلام الفقهاء]، وقد ثبت اغتسال المحرم وغسل رأسه وغمسه في الماء: عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، وجابر، وميمونة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

كما ثبت عن عدد من التابعين: إباحة اغتسال المحرم، وأنه يغتسل بالماء، ويغطس فيه، ويغسل ثيابه:

ثبت عن عكرمة، أنه قال: المحرم يغتسل بالماء إن شاء. [أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٤٥٥/ ١٣٣٠٢ - ط الشثري)] [وهو مقطوع على عكرمة بإسناد صحيح].

وثبت عن طاووس، أنه قال: لا بأس أن يغسل المحرم رأسه ويغطس فيه. [أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٤٥٤/ ١٣٣٠١ - ط الشثري)] [وهو مقطوع على طاووس بإسناد صحيح].

وثبت عن الحسن البصري، أنه قال: لا بأس أن يغتسل المحرم من غير جنابة. [أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٤٥٥/ ١٣٣٠٥ - ط الشثري)] [وهو مقطوع على الحسن بإسناد صحيح].

وثبت عن إبراهيم بن يزيد النخعي، أنه قال: لا بأس أن يغتسل المحرم بالماء من غير جنابة، ويغسل ثيابه. [أخرجه أبو يوسف القاضي في الآثار (٥٦٥)، ومحمد بن الحسن في الآثار (١/ ٣٤٤)، وابن أبي شيبة (٧/ ٤٥٥/ ١٣٣٠٣ - ط الشثري) و (٨/ ٤٤٩/ ١٥٥١٢ - ط الشثري)].

وروي عن مجاهد، أنه قال: لا بأس أن يغتسل المحرم في الماء. [أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٤٥٤/ ١٣٢٩٩ - ط الشثري)].

وأما سالم بن عبد الله بن عمر: فكان لا يصب على رأسه الماء وهو محرم.