وجهها كبدنها، وأنه يحرم عليها فيه ما أعد للعضو كالنقاب والبرقع ونحوه، لا مطلق الستر كاليدين، والله أعلم».
وقال في زاد المعاد (٢/ ٢٩٧ - ط عطاءات العلم) في معرض تعليقه على قصة المحرم الذي وقصته ناقته: «الحكم العاشر: أن المحرم ممنوع من تغطية رأسه، والمراتب فيه ثلاثة: ممنوع منه بالاتفاق، وجائز بالاتفاق، ومختلف فيه:
فالأول: كل متصل ملابس، يراد لستر الرأس: كالعمامة، والقبع، والطاقية، والخوذة وغيرها.
والثاني: كالخيمة، والبيت، والشجرة، ونحوها. وقد صح عن النبي ﷺ أنه ضربت له قبة بنمرة وهو محرم، إلا أن مالكاً منع المحرم أن يضع ثوبه على شجرة يستظل به، وخالفه الأكثرون، ومنع أصحابه المحرم أن يمشي في ظل المحمل.
والثالث: كالمحمل، والمحارة، والهودج، فيه ثلاثة أقوال: الجواز، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة. والثاني: المنع، فإن فعل افتدى، وهو مذهب مالك. والثالث: المنع، فإن فعل فلا فدية عليه. والثلاثة روايات عن أحمد».
ثم قال (٢/ ٢٩٨ - ط عطاءات العلم): الحكم الحادي عشر: منع المحرم من تغطية وجهه، وقد اختلف في هذه المسألة فمذهب الشافعي وأحمد - في رواية: إباحته.
ومذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد - في رواية: المنع منه. وبإباحته قال ستة من الصحابة: عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وزيد بن ثابت، وابن الزبير، وسعد بن أبي وقاص، وجابر. وفيه قول ثالث شاذ: إن كان حياً فله تغطية وجهه، وإن كان ميتاً لم يجز أن يغطى وجهه. قاله ابن حزم، وهو اللائق بظاهريته.
واحتج المبيحون بأقوال هؤلاء الصحابة، وبأصل الإباحة، وبمفهوم قوله:«ولا تخمروا رأسه». وأجابوا عن قوله:«ولا تخمروا وجهه» بأن هذه اللفظة غير محفوظة فيه. قال شعبة: حدثنيه أبو بشر، ثم سألته عنه بعد عشر سنين، فجاء بالحديث كما كان، إلا أنه قال:«لا تخمروا رأسه ولا وجهه». قالوا: وهذا يدل على ضعفها. قالوا: وقد روي في هذا الحديث: «خمروا وجهه، ولا تخمروا رأسه». اهـ كلامه [قلت: تقدم بيان كون ذكر الوجه محفوظاً في حديث ابن عباس، وأن اللفظ الأخير بالأمر بتخمير الوجه غلط محض من إبراهيم بن أبي حرة، لم يتابع عليه].
• وانظر أيضاً: تفسير الموطأ للقنازعي (٢/ ٦٠٤). شرح الرسالة للقاضي عبد الوهاب المالكي (٢/ ٢٥٢). الحاوي للماوردي (٤/ ١٠١). الجامع لمسائل المدونة لابن يونس الصقلي (٤/ ٤١٨). المنتقى للباجي (٢/ ٢٠٠). إكمال المعلم للقاضي عياض (٤/ ٢٢١ و ٤٤٠). المفهم (٣/ ٢٩٤). بداية المجتهد (١/ ٣٢٦). النهاية لابن الأثير (٤/ ١٥٠).
الإقناع في مسائل الإجماع (١٤٥٥). المجموع شرح المهذب (٧/ ٢٦٨). الفروع لابن مفلح (٥/ ٥٢٨). الفتح لابن حجر (٤/ ٥٤). عمدة القاري (٩/ ١٦٦).