للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قُلْت: وهذا من تهوره وإقدامه على تضعيف ما اتفق الناس على صحته، فخالفهم وحده، فإن هذه القصة شهرتها في الصحاح والسنن والمساند والسير والتواريخ تغني عن إسنادها، فكيف وقد اتفق عليها صاحبا الصحيح، ولم يحفظ عن أحد قبله الطعن فيها البتة. وقوله: إسرائيل ضعيف، فالذي غره في ذلك تضعيف علي بن المديني له، ولكن أبى ذلك سائر أهل الحديث، واحتجوا به، ووثقوه وثبتوه، قال أحمد: ثقة، وتعجب من حفظه، وقال أبو حاتم: هو من أتقن أصحاب أبي إسحاق، ولا سيما قد روى هذا الحديث عن أبي إسحاق، وكان يحفظ حديثه كما يحفظ السورة من القرآن، وروى له الجماعة كلهم محتجين به. وأما قوله: إن هانئاً وهبيرة مجهولان، فنعم مجهولان عنده، معروفان عند أهل السنن، ووثقهما الحفاظ، فقال النسائي: هانئ بن هانئ: ليس به بأس، وهبيرة روى له أهل السنن الأربعة وقد وثق …

وهذه القصة قد رواها علي، وسمعها منه أصحابه: هانئ بن هانئ، وهبيرة بن يريم، وعجير بن عبد يزيد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، فذكر أبو داود أحاديث الثلاثة الأولين لسياقهم لها بتمامها، وأشار إلى حديث ابن أبي ليلى لأنه لم يتمه، وذكر السند منه إليه، فبطل الإرسال»، … إلى آخر ما قال في الدفع عن أسانيد هذه الأحاديث، ثم انتقل بعد ذلك لفقه مسألة حضانة الخالة، وليس هذا موضعها الآن.

وقال القسطلاني في إرشاد الساري (٨/ ١٤٨): «ومطابقته للترجمة في قوله: لا يدخل مكة سلاحاً؛ لأنه لو كان حمل السلاح غير جائز مطلقاً عند الضرورة وغيرها ما قاضي أهل مكة عليه».

قلت: ومن شواهد حديث البراء بن عازب في حمل السلاح للمحرم:

قلت: حديث البراء بن عازب كثير الأطراف، ولكل طرف شواهد، لاسيما قصة صلح الحديبية وعمرة القضية وشروط الصلح، وكذلك قصة ابنة حمزة وحضانتها، وأن الخالة بمنزلة الأم، واختصام علي وزيد وجعفر، فإن شواهدها كثيرة، وليس هذا موضع استيعاب ذلك؛ فإنه يطول جداً حتى يخرج عن أصل الترجمة، ولذلك فإن البخاري حين أراد الاحتجاج بحديث البراء على أصل الترجمة اختصر الحديث، واقتصر منه على قوله: اعتمر النبي في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم: لا يدخل مكة سلاحاً إلا في القراب [صحيح البخاري (١٨٤٤) وذلك حين ترجم له بقوله: «باب لبس السلاح للمحرم».

فلما كان موضع الشاهد من حديث البراء: حمل السلاح للمحرم، لذلك فإني سأقتصر على ما اشتمل على موضع الشاهد حسب، ومن ذلك:

١ - حديث ابن عمر:

يرويه: فليح بن سليمان، عن نافع، عن ابن عمر ؛ أن رسول الله خرج معتمراً، فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية، وقاضاهم

<<  <  ج: ص:  >  >>