للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بمدر]، فقال: إنكم أيها الرهط أئمة يُقتدى بكم، ولو رآك أحد جاهل، قال: طلحة يلبس الثياب المصبغة وهو محرم، وإن أحسن ما يلبس المحرم البياض، فلا تلبسوا على الناس. لفظ ابن سعد.

ولفظ البلاذري: عن صفية بنت أبي عبيد - امرأة عبد الله بن عمر ـ، أو عن أسلم، أن عمر بن الخطاب رأى على طلحة ثوبين ممشقين، … وساق نحوه.

أخرجه ابن سعد في الطبقات (٣/ ٢٢٠)، والبلاذري في أنساب الأشراف (١٠/ ١٢٢).

قلت: وهم في إسناده محمد بن إسحاق، فشك هل هو عن صفية، أم عن أسلم؟ وإنما رواه ثقات أصحاب نافع عن أسلم مولى عمر، وهو الصواب، هكذا رواه مالك، وأيوب، وشعيب بن أبي حمزة، وصخر بن جويرية، وغيرهم.

• والسبب في ذلك - والله أعلم -؛ أن ابن إسحاق قد روى حديثاً آخر في المناسك في قصة قطع الخفين للنساء، ووهم فيه ابن إسحاق أيضاً:

فقد روى ابن إسحاق عن نافع قصة في قطع ابن عمر الخفين للنساء، ثم قال: وحدثني الزهري، عن سالم؛ أن ابن عمر كان قد صنع ذلك [يعني: قطع الخفين للنساء] حتى حدثته صفية بنت أبي عبيد، عن عائشة؛ أن رسول الله قد رخص للنساء في الخفين.

وقد وهم في رفعه ابن إسحاق، فقد رواه الثقات من أصحاب الزهري:

عن الزهري، عن سالم، عن أبيه؛ أنه كان يفتي النساء إذا أحْرمن أن يقطعن الخفين، حتى أخبرته صفية، عن عائشة؛ أنها تفتي النساء أن لا يقطعن، فانتهى عنه. [راجع حديث الباب (١٨٣١)].

• قال الشافعي في الأم (٣/ ٣٦٩): «والذي أحب لهما معاً أن يلبسا البياض، وأكره لهما كل شهرة من عصفر وسواد وغيره، ولا فدية عليهما إن لبسا غير المطيب، ويلبسان الممشق وكل صباغ بغير طيب، ولو تركا ذلك ولبسا البياض كان أحبّ إليَّ؛ الذي يُقتدى به ولا يُقتدى به، أما الذي يقتدى به: فلما قال عمر بن الخطاب: يراه الجاهل فيذهب إلى أن الصبغ واحد، فيلبس المصبوغ بالطيب، وأما الذي لا يُقتدى به فأخاف أن يساء الظن به حين يترك مستحقاً بإحرامه، وهذا وإن كان كما وصفت فالمقتدى به وغير المقتدى به يجتمعان، فيترك العالم عند من جهل العلم مستحقاً بإحرامه، وإذا رأى الجاهل فلم ينكر عليه العالم رأى من يجهل أنه لم يُقَرَّ الجاهل إلا وهذا جائز عند العالم، فيقول الجاهل: قد رأيت فلاناً العالم رأى من لبس ثوباً مصبوغاً وصحبه فلم ينكر عليه ذلك». [ونقل البيهقي بعضه في المعرفة (٧/ ١٦٧)].

وقال الطحاوي - عقب أثر عمر - في الأحكام (٢/ ٥٣): «فهكذا ينبغي لكل من يُقتدى به من الرجال أن يتجنب في اللباس في إحرامه خوفاً من مثل ما خافه عمر فيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>