سبحان الله؛ حدثنا أيوب؛ أن النبي ﷺ قال في المحرم: «إذا لم يجد نعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين».
أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (١٥/ ٥٣٩).
قلت: وهذا لا يثبت عن عارم؛ تفرد به عنه بهذا السياق أبو موسى عيسى بن عامر، وهو: مجهول، لا يدرى من هو، لم يرو عنه سوى أحمد بن علي الأبار، وليست له رواية في المصنفات إلا يسيراً [انظر: ضعفاء العقيلي (١/ ٢٦٦) (٢/ ١٨٥/ ١٣٢٨ - ط الرشد) و (٣/ ٣٩٨) (٥/ ٤٨١٢/ ٧٩ - ط الرشد)]، ولم يترجم له.
وشيخ الخطيب: الحسن بن الحسين بن العباس بن الفضل بن المغيرة أبو علي المعروف بابن دوما النعالي، قال الخطيب: «كتبنا عنه، وكان كثير السماع؛ إلا أنه أفسد أمره بأن ألحق لنفسه السماع في أشياء لم تكن سماعه»، وضعفه الذهبي لأجل ذلك [تاريخ بغداد (٨/ ٢٥٥). الأنساب (١٣/ ١٤٠). المنتظم (١٥/ ٢٧٥). إكمال الإكمال (٢/ ٥٦٦). تاريخ الإسلام (٩/ ٥٠٢). الميزان (١/ ٤٨٥). اللسان (٣/٣٦)].
• وروآه أيضاً: ابن دوما، قال: أخبرنا ابن سلم، قال: حدثنا الأبار، قال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني [ثقة حافظ]، قال: حدثنا يزيد بن هارون [ثقة متقن]، عن حماد، قال: شهدت أبا حنيفة، وسئل عن محرم لم يجد إزاراً فلبس سراويل؟ قال: عليه الفدية، قلت: سبحان الله.
أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (١٥/ ٥٣٨).
وهذا غايته ذكر حكاية عن أبي حنيفة، وتقدم ذكرها من وجه آخر صحيح، فهي تصح أيضاً من هذا الوجه؛ إن كان لابن دوما فيها سماع صحيح.
* وقد روى ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (١٣١)، قال: حدثنا سهل بن محمد [سهل بن محمد بن عثمان أبو حاتم السجستاني: صدوق، قال أبو داود: «كان أعلم الناس بالأصمعي»]، قال: حدثنا الأصمعي [عبد الملك بن قريب: صدوق]، عن حماد بن زيد، قال: شهدت أبا حنيفة، سئل عن محرم لم يجد إزاراً فلبس سراويل؟ فقال: عليه الفدية، فقلت: سبحان الله، حدثنا عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول في المحرم: «إذا لم يجد إزاراً لبس سراويل، وإذا لم يجد نعلين لبس خفين»؟ فقال: دعنا من هذا، حدثنا حماد، عن إبراهيم؛ أنه قال: عليه الكفارة.
وهذا إسناد جيد إلى حماد بن زيد، وهي قصة ثابتة عن أبي حنيفة.
وقد صدرها ابن قتيبة بقوله: «وكان الأوزاعي يقول: إنا لا ننقم على أبي حنيفة أنه رأى؛ كلنا يرى؛ ولكننا ننقم عليه أنه يجيئه الحديث عن النبي ﷺ، فيخالفه إلى غيره».
وبمجموع هذه الروايات عن حماد بن زيد، يتبين أن أبا حنيفة قد رد السنة الصحيحة، بعدما بلغته برواية الثقات عن رسول الله ﷺ، فردها، وأخذ بقول إبراهيم النخعي، اللهم يا ولي الإسلام وأهله ثبتنا على الإسلام حتى نلقاك عليه.