فدل على أن المنهي عنه هو التزعفر؛ لا بقاء أثر الطيب بعد الإحرام؛ وعليه: فلا تعارض بين حديث يعلى بن أمية، وحديث عائشة في إباحة التطيب قبل الإحرام، واستدامة أثره عليه بعد الإحرام.
• وقد ثبت النهي عن التزعفر للرجال من حديث أنس:
فقد روى عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، قال: نهى النبي ﷺ أن يتزعفر الرجل. وفي رواية: نهى رسول الله ﷺ عن التزعفر للرجال. [أخرجه البخاري (٥٨٤٦). ومسلم (٢١٠١). وتقدم تخريجه في المجلد الرابع والعشرين، تحت الحديث رقم (١٧٧٢)].
قال الشافعي في الأم (٨/ ٥٩٠): «وتطيب النبي ﷺ في حجة الإسلام سنة عشر، وأمر الأعرابي قبل ذلك بسنتين في سنة ثمان.
فلو كانا مختلفين كان إباحته التطيب ناسخاً لمنعه؛ وليسا بمختلفين؛ إنما نهى النبي ﷺ أن يتزعفر الرجل، … ، وأمر الرجل أن يغسل الزعفران عنه».
وقال ابن خزيمة (٤/ ١٩٣): «في خبر عمرو بن دينار قال: وعليه مقطعات متضمخ بخلوق، والخلوق لا يكون - علمي - إلا فيه زعفران، وفي خبر منصور بن زاذان، وعبد الملك بن أبي سليمان، وابن أبي ليلي، والحجاج بن أرطاة، عن عطاء، عن يعلى بن أمية؛ قال: وعليه جبة عليها ردغ من زعفران، إلا أنهم أسقطوا صفوان بن يعلى من الإسناد».
وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ٧٦): «فاتفق عمرو بن دينار، وهمام بن يحيى، وقيس بن سعد، كلهم عن عطاء في هذه القصة نفسها، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه؛ أنه كان متضمخاً بخلوق، وهو الصفرة نفسها، وهو الزعفران بلا خلاف، وهو محرم على الرجال عامة في كل حال».
وقال في حجة الوداع (٢٤٣): «فإنما نهى ﵇ ذلك الرجل عن الزعفران، وهو حرام على كل أحد من الرجال، محرماً كان أو غير محرم».
وقال القاضي أبو يعلى في التعليقة الكبيرة (١/ ٣٣٣): «إنما أمره بغسل ذلك؛ لأنه كان عليه الزعفران، والرجل منهي عن المزعفر».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٢٥٤) (٢/ ٢٧٦ - ط الفرقان)، وفي الاستذكار (٤/٢٩): «وبه أثر صفرة؛ فقد بان بما ذكرنا من الآثار، أنها كانت صفرة خلوق، وهو طيب معمول من الزعفران».
وقال البغوي في شرح السنة (٧/ ٢٤٩): «ومن أباح التطيب للإحرام، قال: لم يأمره بغسله من أجل أن استدامة الطيب بعد الإحرام حرام، لكن من قِبَل أن التضمخ بالزعفران حرام على الرجال في حالتي حرمه وحله، لأنه روي عن أنس، قال: نهى رسول الله ﷺ أن يتزعفر الرجل».