• قلت: لا يُعارض بمثل هذا: الحديث الثابت الصحيح، الذي اتفق عليه الشيخان: عن يعلى بن أمية، حيث جاء النبي ﷺ وقد أحرم في جبة، وتضمخ بالخلوق، فقال له النبي ﷺ: «اخلع عنك الجبة، واغسل أثر الخلوق عنك، وأنقِ الصفرة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك»، وفي رواية: «أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك».
فأمره بخلع الجبة ونزعها، ولم يأمره بشقها، وليس في قول أحد بعد رسول الله ﷺ حجة.
وقد أخذ بهذا الحديث من التابعين جماعة منهم: راويه عطاء بن أبي رباح، وسبق نقل قوله عنه بالأسانيد الصحيحة.
• وممن قال بذلك أيضاً من التابعين:
• سعيد بن المسيب [أخرجه ابن أبي شيبة (٨/ ٣١٥/ ١٤٩٥٩ - ط الشثري)].
• وطاووس بن كيسان [أخرجه عبد الرزاق. عزاه إليه: ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٢٦٤)، وابن أبي شيبة (٨/ ٣١٤/ ١٤٩٥٦ - ط الشثري)].
• وعكرمة [أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (٢/ ١٣٩/ ٣٦٤٦)].
• وهو الأصح: عن سعيد بن جبير؛ أنه قال: «ينزع ثيابه، ولا يخرقها» [أخرجه عبد الرزاق. عزاه إليه: ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٢٦٣)] [قال ابن عبد البر: «وهو الصحيح إن شاء الله عن سعيد بن جبير»].
• وأما مسألة الطيب؛ فالأظهر أن الأعرابي مس بصفرة من زعفران، وقد جاء النص على ذلك في حديث هشيم قال: ثنا منصور وعبد الملك، عن عطاء، عن يعلى بن أمية، قال: جاء أعرابي إلى رسول الله ﷺ وعليه جبة، وعليه ردع من زعفران، فقال: يا رسول الله! إني أحرمتُ فيما ترى، والناس يسخرون مني؟ وأطرق هنيهة، قال: ثم دعاه، فقال: «اخلع عنك هذه الجبة، واغسل عنك هذا الزعفران، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك».
ويؤيد ثبوتها ذكر بعضهم الصفرة في الحديث:
• فقد رواه همام بن يحيى حدثنا عطاء، قال: حدثني صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه، أن رجلاً أتى النبي ﷺ وهو بالجعرانة وعليه جُبَّةٌ، وعليه أثر الخلوق، أو قال: صفرة، … وساق الحديث؛ إلى أن قال: «اخلع عنك الجبة، واغسل أثر الخلوق عنك، وأنق الصفرة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك»، والصفرة من آثار الزعفران.
• ورواه قيس بن سعد، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه ﵁؛ أن رجلاً أتى النبي ﷺ وهو بالجعرانة، قد أهل بالعمرة، وهو مُصَفِّر لحيته ورأسه، وعليه جبة، فقال: يا رسول الله! إني أحرمت بعمرة، وأنا كما ترى، فقال: «انزع عنك الجبة، واغسل عنك الصفرة، وما كنت صانعاً في حجك، فاصنعه في عمرتك».