رسول الله ﷺ في هذا اليوم؟ قال: كان يُهِلُّ المهِلُّ منا ولا ننكر عليه، ويكبر المكبر فلا ننكر عليه.
أخرجه أبو عوانة (١٠/ ٩٥/ ٣٩٣٠)، والدارقطني في الأفراد (١/ ٢٤٥/ ١٢٥٩ - أطرافه). [الإتحاف (٢/ ٣٢٧/ ١٨٠٦)].
وهذا حديث صحيح، حفظه أسامة بن زيد، ورواه كما رواه الناس عن محمد بن أبي بكر الثقفي، وأما قوله: ننكر هكذا بالنون، فلا أستبعد كونها من قبل أبي عوانة، أو من النساخ، وقد نبهت على ذلك في رواية مالك السالفة، والله أعلم.
قال الدارقطني في الأفراد (١/ ٢٤٥/ ١٢٥٩ - أطرافه): «رواه أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن أبي بكر، وتفرد به عبد الله بن وهب عنه».
قلت: عبد الله بن وهب: ثقة حافظ، يروي عن أسامة بن زيد نسخة صالحة، فله عنه كتاب، وله اختصاص به، فلا غرو أن يتفرد عنه، قال ابن عدي في الكامل (١/ ٣٩٥): يروي عنه ابن وهب بنسخة صالحة، ولم ينكر على أسامة شيئاً من نسخة ابن وهب، وقد روى مسلم من هذه النسخة في المتابعات.
و - ورواه ميمون بن يحيى، عن مخرمة، عن أبيه بكير بن الأشج [بكير بن عبد الله بن الأشج: مدني، نزيل مصر، ثقة]، عن محمد بن أبي بكر، عن أنس بنحوه.
أخرجه الدارقطني في الأفراد (١/ ٢٤٥/ ١٢٥٩ - أطرافه).
قلت: وهذا إسناد جيد في المتابعات، فإن قيل: مخرمة: لم يسمع من أبيه شيئاً، وروايته عنه إنما هي من كتاب أبيه وجادة؛ وكثيراً ما يدخل الخلل والوهم والخطأ على المحدث إذا روى من صحيفة وجدها ولم يسمعها [انظر: فضل الرحيم الودود (٣/٣٤/٢٠٧) و (٣/ ٢٨٣/ ٢٦٧) و (١٠/ ٩٠/ ٩١٩) و (١١/ ١٦٦/ ١٠٣٧) و (١٤/ ١٤٦/ ١٢٧٣) و (١٤/ ١٩٧/ ١٢٧٦) و (١٧/٣٣/١٤٠٢)] [وانظر: تخريج أحاديث الذكر والدعاء برقم (٤٥٩) و (٣/ ٩٩٩) و (٥٢٩)(٣/ ١٠٨١ - ١٠٨٢)]؛ فهو منقطع! [انظر: بيان الوهم (٢/ ٣٧٢/ ٣٦٩) و (٥/ ٢٣٧/ ٢٤٤٧)].
فيقال: قد اعتمده مالك ومسلم، قال ابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ١٩٩): «أكثر ما يقول مالك: حدثني الثقة، فهو مخرمة بن بكير الأشج. وقال أصحاب مالك - ابن وهب وغيره -: كل ما أخذه مالك من كتب بكير؛ فإنه يأخذها من مخرمة ابنه، فينظر فيها».
ولا يُعلُّ هذا الحديث بذلك؛ ورواية مخرمة عن أبيه وجادة صحيحة، ولم يسمع من أبيه شيئاً، لكن طرق الحديث هي التي تبين إن كان دخل في الرواية ما ليس منها أم لا، وهذا الحديث قد رواه مالك، وموسى بن عقبة، وأخوه محمد بن عقبة، وعبد العزيز الماجشون، وأسامة بن زيد الليثي عن محمد بن أبي بكر الثقفي، عن أنس؛ فلم يخالف الثقات، بل تابعهم بما يدل على ضبطه للرواية، والله أعلم.