فقال: صدقت يا ابن جرج، خرجت مع رسول الله ﷺ، فلما دخل العرش قطع التلبية، فلا تزال تلبيتي حتى أموت، وطفت معه البيت، فكان أكثر ما يمس من الأركان الركن اليماني، فلا أزال أمسُّه أبداً، وهذا حذاؤه يا ابن جريج؛ ولا أزال أحتذيه، وهذا تغره ا ابن جريج؛ ولا أزال أغيره أبداً.
أخرجه مسلم (٢٦/ ١١٨٧)، وأبو عوانة (٩/ ٣٦٩٤/ ٢٤٣)، وابن خزيمة (٤/ ٢٠٥/ ٢٦٩٦) (٤/ ٢٦٩٦/ ٣٥٨ - ط الميمان)، وغيرهم. [التحفة (٥/ ٢٨٢/ ٧٣١٦)، الإتحاف (٨/ ٥٧٧/ ٩٩٩٠)، المسند المصنف (١٥/ ٩٨/ ٧١٦٩)].
قال مسلم: «ساق الحديث بهذا المعنى؛ إلا في قصة الإهلال، فإنه خالف رواية المقبري، فذكره بمعنى سوى ذكره إياه».
وقال أبو عوانة: «قصة الإهلال مخالفة لقصة سعيد المقبري».
وقال أبو نعيم في المستخرج: «وساق الحديث بهذا المعنى؛ إلا في قصة الإهلال، فإنه خالف رواية المقبري، فذكره بمعنى سوى ذكره إياه».
لكن ابن خزيمة صحح الحديث جرياً على ظاهر السند، فقال: «قد كنت أرى للمعتمر التلبية حتى يستلم الحجر أول ما يبتدئ الطواف لعمرته؛ لخبر ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن ابن عباس؛ أن رسول الله ﷺ كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر».
ثم قال: «فلما تدبرت خبر عبيد بن جريج كان فيه ما دل على أن النبي ﷺ قد كان يقطع التلبية عند دخول عروش مكة، وخبر عبيد بن جريج أثبت إسناداً من خبر عطاء؛ لأن ابن أبي ليلى ليس بالحافظ، وإن كان فقيهاً عالماً، فأرى للمحرم كان بحج أو عمرة أو بهما جميعاً قطع التلبية عند دخول عروش مكة، فإن كان معتمراً لم يعد إلى التلبية، وإن كان مفرداً أو قارناً عاد إلى التلبية عند فراغه من السعي بين الصفا والمروة، لأن فعل ابن عمر كالدال على أنه رأى النبي ﷺ قطع التلبية في حجته إلى الفراغ من السعي بين الصفا والمروة.
حدثناه الربيع بن سليمان: حدثنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، قال: قال عطاء بن أبي رباح: كان ابن عمر يدع التلبية إذا دخل الحرم، ويراجعها بعد ما يقضي طوافه بين الصفا والمروة».
هكذا ذهب ابن خزيمة إلى تصحيح خبر يزيد بن عبد الله بن قسيط، وهو خبر شاذ.
قلت: هو حديث شاذ في قصة الإهلال، كما ذهب إليه مسلم، وأبو عوانة، وأبو نعيم.
والحمل فيه عندي على أبي صخر حميد بن زياد الخراط المدني، فإنه: ليس به بأس، وله أوهام يخالف فيها الثقات بسلوك الجادة [انظر: علل الدارقطني (١٠/ ١٠٣/ ١٨٩٤) و (١٠/ ٣٨٠/ ٢٠٦٦)]، وقد أنكرت عليه أحاديث لم يتابع عليها [راجع ترجمته في فضل الرحيم الودود (١٤/ ٣١٥/ ١٢٨٩)].