كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود

٥ - كتاب المناسك - ٢٨ - باب متى يقطع التلبية؟ - ج: 27 - ص: 245

وهذا إسناد رجاله ثقات، وإن كان غريباً؛ فمثله يحتمل في هذا، وأن هذا الحديث إنما يرويه عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه، والله أعلم.

لكن لا يعتمد عليه فيما خالف فيه عبد الله بن أبي سلمة، من كون ابن عمر لم ينقل عن النبي ﷺ فعله، وإنما نقل عمل الصحابة وإقرار النبي ﷺ لهم، فكان منهم الملبي، ومنهم المكبر، ولم ينقل عن النبي ﷺ أنه لزم التكبير والتهليل، لا سيما ولم يذكر يحيى بن عمير سماعاً لهذه القصة، لا من عمر بن عبد العزيز، ولا من عبد الله بن عبد الله بن عمر؛ إنما يحكيها حكاية، والله أعلم.

قال البخاري في التاريخ الأوسط (١/ ٢٥٨/ ١٢٥٦): «وروى يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، في التكبير يوم عرفة».

قلت: وهذا يقتضي من البخاري أنه يذهب إلى ترجيح قول من زاد في الإسناد: عبد الله بن عبد الله بن عمر، وكلامه في التاريخ الكبير (٥/ ١٠٠) يُشعر بذلك، حيث قال: «عبد الله بن أبي سلمة الماجشون: عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري».

وإنما قلت ذلك؛ لشهرة حديث يحيى بن سعيد الأنصاري بدون الزيادة، وأنه قد رواه عنه جمع من مشاهير الثقات، ومثل هذا لا يخفى ولا يفوت على البخاري، فكونه تعمد إغفال ذكر من رواه عن يحيى بن سعيد بدون ذكر عبد الله بن عبد الله بن عمر دليل واضح على ما ذكرت، والله أعلم.

قال ابن عبد البر في التمهيد (٢٤/ ١٠٧): «وأما عبد الله بن أبي سلمة الذي روى عنه يحيى بن سعيد هذا الحديث؛ فقيل: إنه عبد الله بن أبي سلمة الهذلي، يروي عن ابن عمر وغيره، وزعم البخاري أنه عبد الله بن أبي سلمة والد عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، فالله أعلم».

قلت: ما ذهب إليه البخاري هو الصواب، وتبعه على ذلك: أبو حاتم الرازي وغيره. وقال ابن خزيمة: «لا أعلم أحداً ممن روى هذا الخبر عن يحيى بن سعيد تابع ابن نمير في إدخاله عبد الله بن عبد الله بن عمر في هذا الإسناد، وقد خرجت طرق هذا الخبر في كتاب الكبير».

قلت: قد رواه مسلم من طريق ابن نمير بمتابعة يحيى بن سعيد الأموي، ثم بمتابعة عمر بن حسين الجمحي، عن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، وهذا كافٍ في إثبات المطلوب، وممن تابع مسلماً أيضاً على ترجيح قول من رواه بالزيادة في إسناده: الدارقطني وابن عساكر، وأبو موسى المديني.

قال الدارقطني في العلل (١٣/ ٢٠٠/ ٣٠٩١): «يرويه عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، حدث به عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، واختلف عنه؛