ولفظ ابن مسهر: عن ابن عباس؛ أن النبي ﷺ لبى حتى رمي الجمرة.
أخرجه أبو محمد الحارثي في مسند أبي حنيفة (١/ ١٣٤ و ٢٤/ ١٣٥ - ٢٦)، وطلحة بن محمد الشاهد في مسند أبي حنيفة (١/ ٥١٢ - جامع المسانيد للخوارزمي).
قلت: هكذا اختلف أصحاب أبي حنيفة عليه في إسناد هذا الحديث ومتنه، وقد رواه بعضهم عنه بوجهين، مما يدل على أنه هو الذي اضطرب فيه، ولم يكن يضبط إسناده ولا متنه، وهذا من دلائل ضعف أبي حنيفة النعمان بن ثابت؛ فإنه: ضعيف الحديث. قال البخاري:«كان مرجئاً، سكتوا عنه، وعن رأيه، وعن حديثه»، وقال مسلم: مضطرب الحديث ليس له كبير حديث صحيح، وقال عمرو بن علي الفلاس:«ليس بالحافظ، مضطرب الحديث، واهي الحديث»، وقال النضر بن شميل:«متروك الحديث، ليس بثقة، وقال ابن عدي: «له» أحاديث صالحة، وعامة ما يرويه غلط وتصاحيف … ، ولم يصح له في جميع ما يرويه إلا بضعة عشر حديثاً … »، وقد ضعفه الجمهور، وتكلم فيه عامة النقاد والمحدثين حتى كاد أن يكون إجماعاً؛ إلا شيئاً نقل عن ابن معين [انظر: طبقات ابن سعد (٧/ ٣٢٢). التاريخ الكبير (٨/ ٨١). الضعفاء للبخاري (٣٨٨). كنى مسلم (٩٦٣). الجرح والتعديل (٨/ ٤٥٠). ضعفاء العقيلي (٤/ ٢٦٨). المجروحين (٣/ ٦١). الكامل (٨/ ٢٣٥)(١٠/ ١١٩ - ط الرشد). ضعفاء الأصبهاني (٢٥٥). الاستغناء (٦٢٤). تاريخ بغداد (١٥/ ٤٤٤). تاريخ الإسلام (٣/ ٩٩٠). السير (٦/ ٣٩٠). موسوعة أقوال الإمام أحمد (٤/١٦). ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه (٥١). الأنوار الكاشفة (٥١). التنكيل (١/ ٢٥٨ و ٣٥٨). الجامع في الجرح والتعديل (٣/ ٢١٠)].
• ولا يفوتني التنبيه على ما سبق بيانه مراراً: أن مصنّف مسند أبي حنيفة، أعني: أبا محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب بن الحارث بن خليل الحارثي البخاري الكلاباذي الحنفي الفقيه: متهم بوضع الحديث، وكذلك: طلحة بن محمد الشاهد: كان سيئ الحال في الحديث ضعيفاً، وكذلك: الحسين بن محمد بن خسرو، أبو عبد الله البلخي ثم البغدادي السمسار [المتوفى: سنة ٥٢٦ هـ]، قال فيه تلميذه أبو القاسم ابن عساكر:«ما كان يعرف شيئاً»، وقال السمعاني:«سألت عنه ابن ناصر؟ فقال: فيه لين، [كان] يذهب إلى الاعتزال، وكان حاطب ليل، [يسمع من كل أحد]»، وقيل: إنه أتى في مسند أبي حنيفة بعجائب، وروى نسخة عن الدقيقي عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس؛ كلها مكذوبة [السير (١٩/ ٥٩٢). تاريخ الإسلام (١١/ ٤٤٦). اللسان (٣/ ٢٠٧)].
وحاصل ما تقدم فإن هذا الحديث من مسند الفضل بن العباس: قد رواه عن عطاء بن أبي رباح: ابن جريج، وعبد الملك بن أبي سليمان، ويزيد بن إبراهيم التستري، وعبد الله بن أبي نجيح، وأبان بن صالح، وأبو عمرو الأوزاعي، وقيس بن سعد، وأسامة بن زيد الليثي، ومطر بن طهمان، وعامر بن عبد الواحد الأحول، ورباح بن أبي معروف، وحجاج بن أرطأة، وابن أبي ليلى، ويعقوب بن عطاء، وإسماعيل بن مسلم المكي، وغيرهم.