الفضل بن عباس يوم النحر خلفه على راحلته، وكان الفضل رجلاً وضيئاً، فوقف رسول الله ﷺ للناس يفتيهم، فأقبلت امرأة من خثعم وضيئة، تستفتي رسول الله ﷺ، فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها، فالتفت رسول الله ﷺ والفضل ينظر إليها، فأخلف يده، فأخذ بذقن الفضل يعدل وجهه عن النظر إليها، فقالت تلك: يا رسول الله! إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي أن أحج عنه؟ فقال لها رسول الله ﷺ:«نعم، فحجي عنه».
قلت: وهذا اللفظ الأخير لا يُعرف بهذا السياق عن الأوزاعي، ولا عن الهقل بن زياد، حيث رواه عنه: أبو صالح عبد الله بن صالح، كاتب الليث، وهو: صدوق، وكانت فيه غفلة، والراوي عنه: مطلب بن شعيب الأزدي، وهو: ثقة، له عن أبي صالح حديث منكر [اللسان (٨٦/ ٨)]، وإنما يُعرف هذا السياق من حديث شعيب عن الزهري، وتقدم.
علقه البخاري في صحيحه (٤٣٩٩)، قال: وقال محمد بن يوسف: حدثنا الأوزاعي، قال: أخبرني ابن شهاب، … فذكره، مقروناً بحديث أبي اليمان عن شعيب عن الزهري، والفريابي من شيوخ البخاري، وساق الحديث بلفظ الأوزاعي.
وأخرجه موصولاً: النسائي في المجتبى (٥٣٩٠/ ٢٢٨/ ٨)، والدارمي (١٩٩٢ - ط البشائر)(٢/ ٢٦٢/ ١٨٥٨ - ط التأصيل)، وأبو نعيم في مستخرجه على البخاري [عزاه إليه: ابن حجر في تغليق التعليق (١٦٠/ ٤)]، وأحمد (٣٢٩/ ١)، والطبراني في الكبير (٧٢٣/ ٢٨٣/ ١٨) [من طريق هقل به، وفيما عزاه إليه: ابن حجر في هدي الساري (٥٣)، قال:«رواية محمد بن يوسف: وصلها الطبراني، وأبو نعيم في المستخرج»]، وأبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (٣٠٩/ ٢)، والبيهقي في الكبرى (٣٢٩/ ٤)(٢١١/ ٩/ ٨٧٠٤ - ط هجر). [التحفة (٤/ ٥٦٧٠/ ٣٩٦)، الإتحاف (٧٧١٠/ ٢٣١/ ٧)، المسند المصنف (١٢٨/ ٥٧٧٨/ ١٢)]
قال ابن حجر في الفتح (١٠٥/ ٨): «وقال محمد بن يوسف؛ هو: الفريابي، وهو من شيوخ البخاري، وكأنه لم يسمع هذا الحديث منه، وقد وصله أبو نعيم في المستخرج من طريقه، وساق المصنف الحديث هنا على لفظه، وأما لفظ شعيب فسيأتي في كتاب الاستئذان، وهو أتم سياقاً من رواية الأوزاعي».
• ورواه عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي [ثقة]، قال: حدثنا الوليد بن مسلم [ثقة ثبت]، من أثبت أصحاب الأوزاعي، عن الأوزاعي، قال: أخبرني ابن شهاب، عن سليمان بن يسار؛ أن ابن عباس أخبره أن امرأة من خثعم استفتت رسول الله ﷺ، والفضل رديف رسول الله ﷺ، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله ﷿ في الحج على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يجزئ أن أحج عنه؟ فقال لها:«نعم».