للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يُطلقون المتعة على القرآن»، ثم استشهد على صحة ذلك بحديث عثمان وعلي [ويأتي ذكره بعد قليل]، وبحديث ابن عباس، وبحديث سعد بن أبي وقاص، وقد تقدّما، ثم قال: «وهذا كله من باب إطلاق التمتع على ما هو أعم من التمتع الخاص - وهو الإحرام بالعمرة والفراغ منها ثم الإحرام بالحج - ومن القِران، بل كلام سعد فيه دلالة على إطلاق التمتع على الاعتمار في أشهر الحج، وذلك أنهم اعتمروا ومعاوية بعد كافر بمكة قبل الحج، إما عمرة الحديبية أو عمرة القضاء وهو الأشبه، فأما عمرة الجِعرانة فقد كان معاوية أسلم مع أبيه ليلة الفتح، وروينا أنه قصر من شعر النبي بمِشقَص في بعض عُمَره، وهي عمرة الجعرانة لا محالة، والله أعلم».

وقال ابن الملقن في التوضيح (٢٢/ ٨٦): «قال ابن التين: وقوله: (قال رجل برأيه ما شاء) غير بيّن؛ لأن عمر إنما كان نهى عن فسخ الحج، ولم يخالف كتاب الله ولا سنة نبيه».

وانظر: الفتح لابن حجر (٣/ ٤٣٢)، وقد نقل عن بعضهم في تعيين المبهم، فمنهم من قال: عمر، ومنهم من قال: عثمان، ثم قال: «والأولى أن يفسر بعمر؛ فإنه أول من نهى عنها، وكأن من بعده كان تابعاً له في ذلك، ففي مسلم أيضاً: أن ابن الزبير كان ينهى عنها، وابن عباس يأمر بها، فسألوا جابراً، فأشار إلى أن أول من نهى عنها عمر».

وقال أيضاً: «وفيه من الفوائد أيضاً: جواز نسخ القرآن بالقرآن، ولا خلاف فيه، وجواز نسخه بالسنة، وفيه اختلاف شهير، ووجه الدلالة منه قوله: ولم ينه عنها رسول الله ، فإن مفهومه: أنه لو نهى عنها لامتنعت، ويستلزم رفع الحكم، ومقتضاه: جواز النسخ، وقد يؤخذ منه: أن الإجماع لا ينسخ به، لكونه حصر وجوه المنع في نزول آية أو نهي من النبي ، وفيه: وقوع الاجتهاد في الأحكام بين الصحابة، وإنكار بعض المجتهدين على بعض بالنص».

وقال أيضاً في الفتح (٣/ ٤٣٠) في النقل عن أحمد في أفضل الأنساك: «وعن أحمد: من ساق الهدي: فالقِران أفضل له؛ ليوافق فعل النبي . ومن لم يسق الهدي: فالتمتع أفضل له؛ ليوافق ما تمناه وأمر به أصحابه زاد بعض أتباعه ومن أراد أن ينشئ لعمرته من بلده سفراً: فالإفراد أفضل له. قال: وهذا أعدل المذاهب، وأشبهها بموافقة الأحاديث الصحيحة، فمن قال: الإفراد أفضل؛ فعلى هذا يتنزل لأن أعمال سفرين للنسكين أكثر مشقة، فيكون أعظم أجراً، ولتجزئ عنه عمرته من غير نقص ولا اختلاف».

وكان مما قال أيضاً: «والذي يظهر لي: أن من أنكر القران من الصحابة نفى أن يكون أهل بهما جميعاً في أول الحال، ولا ينفي أن يكون أهل بالحج مفرداً، ثم أدخل عليه العمرة، فيجتمع القولان كما تقدم، والله أعلم».

وحكى العيني في عمدة القاري (٩/ ٢٠٥) عمن اجتهد في تعيين المبهم في قول عمران: «قال رجل برأيه ما شاء»، احتمال أن يكون أبا بكر أو عمر أو عثمان، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>