رخص رسول الله ﷺ فيها، عزاه المزي لمسلم، ثم عزاه إلى النسائي، وقال:«في اللقطة: عن محمود بن غيلان، عن أبي داود، عن شعبة به»، يعني: عن مسلم القري، عن أسماء بنت أبي بكر، ثم قال:«ك: في رواية ابن الأحمر، ولم يذكره أبو القاسم»، وليس هو في المطبوع من سنن النسائي؛ إلا من جعله في الزيادات، مثل طبعة التأصيل (١٤/ ٥٥/ ٥٥).
قلت: الأقرب عندي أنهما كانا عند مسلم بن مخراق القُرّي على الوجهين، في متعة الحج، ومتعة النساء، وحدث به شعبة على الوجهين، وحدث به عنه بالوجهين جميعاً: أبو داود الطيالسي، والدليل أيضاً على صحة الوجهين: أن حديثه عن متعة الحج فيه قصة اختلاف ابن عباس وابن الزبير، وقول أسماء: قد رخص رسول الله ﷺ فيها. تعني: في متعة الحج، بينما حديثها عن متعة النساء، فليس فيه اختلاف ابن عباس وابن الزبير، وفيه قولها: فعلناها على عهد رسول الله ﷺ. تعني: ثم نسخت، والله أعلم.
ب - وروى جرير بن عبد الحميد، ومحمد بن فضيل، وعبيدة بن حميد، وعلي بن عاصم الواسطي [وهم ثقات في الجملة]:
حدثنا يزيد بن أبي زياد الكوفي، عن مجاهد قال: قال عبد الله بن الزبير: أفردوا بالحج، ودعوا قول هذا - يعنى: ابن عباس ـ، فقال ابن عباس: ألا تسأل أمك عن هذا؟ فأرسل إليها فقالت: صدق ابن عباس؛ خرجنا مع رسول الله ﷺ حجاجاً، فأمرنا فجعلناها عمرة، فحلَّ لنا الحلال، حتى سطعت المجامر بين النساء والرجال. لفظ ابن فضيل [عند أحمد (٦/ ٣٤٤)].
ولفظ ابن فضيل [عند ابن أبي شيبة، وبنحوه عند الطبراني (٢٤٣)]: قال ابن الزبير: أفردوا الحج، ودعوا قول أعماكم هذا، فبلغ ذلك ابن عباس؛ فقال: إن الذي أعمى الله قلبه وعينيه لأنت، ألا تسأل أمك؟ فسألها، فقالت: قدمنا مع النبي ﷺ حجاجاً، فأمرنا فأحللنا الحلال كله، حتى سطعت المجامر بين الرجال والنساء. وبنحوه رواه جرير [عند إسحاق، والطبراني (٢٤٤)]. ولفظ عبيدة مختصر [عند أحمد (٦/ ٣٤٩)]، اقتصر منه على حديث أسماء.
ولفظ علي بن عاصم [عند ابن شاذان]: خطب ابن الزبير الناس، فقال: يا أيها الناس فردوا حجكم، ودعوا قول أعماكم هذا، فقال ابن عباس: إن الذي أعمى الله قلبه أنت، إذا رجعت إلى أمك فسلها عن ذلك؟ فسألها فقالت: صدق ابن عباس؛ قدمنا مع رسول الله ﷺ فأمر من طاف بالبيت وبين الصفا والمروة أن يحلوا، فحلَّ الناس كلهم إلا من كان معه هدي، حتى سطعت المجامر بين الرجال والنساء.
أخرجه أحمد (٦/ ٣٤٤) و (٣٤٩)، وابن أبي شيبة في المصنف (٨/ ٣٠٣/ ١٤٨٩٤) و (٩/ ١٢٣/ ١٦٥٢٥)، وفي المسند (٦/ ٣٦٨/ ١١٨٤ - مطالب)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (٢/ ٣٧٨/ ٢٢٢٧) و (٢/ ٣٨١/ ٢٢٣٣)، والطبراني في الكبير (٢٤/ ٩٢/ ٢٤٣).