معاوية؛ لأنه يحمل على أنه أخبر بما استصحبه من حاله، ولم يطلع على إسلامه؛ لكونه كان يخفيه، ويعكر على ما جوزوه أن تقصيره كان في عمرة الجعرانة؛ أن النبي ﷺ ركب من الجعرانة بعد أن أحرم بعمرة ولم يستصحب أحداً معه إلا بعض أصحابه المهاجرين فقدم مكة فطاف وسعى وحلق ورجع إلى الجعرانة، فأصبح بها كبائت؛ فخفيت عمرته على كثير من الناس؛ كذا أخرجه الترمذي وغيره، ولم يعد معاوية فيمن صحبه حينئذ، ولا كان معاوية فيمن تخلف عنه بمكة في غزوة حنين حتى يقال: لعله وجده بمكة بل كان مع القوم وأعطاه مثل ما أعطى أباه من الغنيمة مع جملة المؤلفة، وأخرج الحاكم في الإكليل في آخر قصة غزوة حنين أن الذي حلق رأسه ﷺ في عمرته التي اعتمرها من الجعرانة أبو هند عبد بني بياضة، فإن ثبت هذا وثبت أن معاوية كان حينئذ معه، أو كان بمكة فقصر عنه بالمروة، أمكن الجمع بأن يكون معاوية قصر عنه أولاً وكان الحلاق غائباً في بعض حاجته ثم حضر فأمره أن يكمل إزالة الشعر بالحلق؛ لأنه أفضل ففعل، وإن ثبت أن ذلك كان في عمرة القضية، وثبت أنه ﷺ«حلق فيها جاء هذا الاحتمال بعينه، وحصل التوفيق بين الأخبار كلها، وهذا مما فتح الله عليَّ به في هذا الفتح، والله الحمد، ثم الله الحمد أبداً».
٢ - حديث طاووس، عن ابن عباس:
رواه سفيان بن عيينة، عن هشام بن حجير، عن طاووس، قال: قال ابن عباس: قال لي معاوية: أعلمتَ أني قصَّرتُ من رأس رسول الله ﷺ عند المروة بمشقص؟ فقلت له: لا أعلم هذا إلا حجة عليك. لفظ عمرو الناقد عن ابن عيينة [عند مسلم].
وفي رواية: قال معاوية لابن عباس: أعلمتَ أني قصَّرتُ من رأس رسول الله ﷺ عند المروة؟ قال: لا، يقول ابن عباس: هذا معاوية ينهى الناس عن المتعة، وقد تمتع النبي ﷺ. لفظ عبد الله بن محمد الزهري عن ابن عيينة [عند النسائي].
وفي رواية الحميدي: سمعت ابن عباس، يقول: هذه حجة على معاوية، قوله: قصَّرتُ عن رسول الله ﷺ بدمشق أعرابي عند المروة، يقول ابن عباس: حين نهى عن المتعة.
أخرجه مسلم (٢٠٩/ ١٢٤٦)، والنسائي في المجتبى (٥/١٥٣/ ٢٧٣٧)، وفي الكبرى (٤/٤٨/ ٣٧٠٣)، والحميدي (٦١٦). [التحفة (٨/١٣٩/ ١١٤٢٣). المسند المصنف (٢٤/ ١١١٢٢/ ٥٨٩)]. ويأتي تخريجه في موضعه من السنن، قريباً إن شاء الله تعالى.
ورواه ابن جريج، قال: حدثني الحسن بن مسلم، عن طاووس، عن ابن عباس؛ أن معاوية بن أبي سفيان أخبره، قال: قصَّرتُ عن رسول الله ﷺ بمشقص، وهو على المروة. أو: رأيته يُقصّر عنه بمشقص، وهو على المروة.
أخرجه البخاري (١٧٣٠)، ومسلم (٢١٠/ ١٢٤٦)، وأبو داود (١٨٠٢). [التحفة (٨/١٣٩/ ١١٤٢٣). المسند المصنف (٢٤/٥٨٩/ ١١١٢٢)]. ويأتي تخريجه في موضعه من السنن، قريباً إن شاء الله تعالى.