للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في الحج .. فالحرم كله مكة ومنى، لأن ذلك كله حرم، فإذا عطب الهدي التطوع في الحرم، جاز لصاحبه أن يأكل منه، وإذا كان هدياً واجباً وبلغ الحرم وعطب؛ فقد جزى عنه، لأن العلة في سياقه الهدي إطعام مساكين الحرم، وهذا كله قول الشافعي وعطاء وكثير من العلماء.

وروى ابن جريج وحبيب المعلم وغيرهما عن عطاء، قال: كل هدي بلغ الحرم فعطب فقد أجزى.

وقد اتفق العلماء على أن قتل الصيد بمكة ومنى وسائر الحرم سواء في وجوب الجزاء. وقال في مكة: «لا يختلى خلاها، ولا ينفر صيدها، ولا يعضد شجرها». وأجمعوا أن الحرم كله في ذلك حكمه حكمها.

وقد قال مالك: من أحرم من الميقات قطع التلبية إذا دخل الحرم، ومن قوله: إن الحرم لا يدخل إلا بإحرام، فسواء في ذلك بين الحرم ومكة إلا أن مذهبه فيما عطب أو نحر من الهدي قبل بلوغ مكة أنه لا يجزئ، قوله تعالى: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾.

واحتج له إسماعيل بن إسحاق القاضي بإجماعهم على أن الطواف والسعي لا يكونان إلا بمكة، وأن رمي الجمار لا يكون إلا بمنى، وكذلك النحر لا يكون إلا فيهما».

وانظر أيضاً: شرح السنة (٧/ ١٩٣).

قال الخطابي في غريب الحديث (٣/ ٢٤٦)، وإصلاح غلط المحدثين (٧٦): «وفي قصة سوق الهدي: أن الأسلمي قال: أرأيت أن أزحف علي منها شيء؟ قال: «انحرها، ثم تصبغ نعلها في دمها، ثم اضربها على صفحتها، ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك». يرويه المحدثون: أزحف. والأجود أن يقال: أُزحف، مضمومة الألف.

يقال: زحف البعير إذا قام من الإعياء، وأزحفه السفر. وإنما منعه أهل رفقته أن يأكلوا منها شيئاً لئلا يتخذوه ذريعة إلى نحرها».

وقال النووي في شرح مسلم (٩/ ٧٦): «وانطلق ببدنة يسوقها فأزحفت عليه، هو بفتح الهمزة وإسكان الزاي وفتح الحاء المهملة، هذا رواية المحدثين لا خلاف بينهم فيه، قال الخطابي: كذا يقوله المحدثون، قال: وصوابه والأجود: فأُزحفت بضم الهمزة، يقال: زحف البعير إذا قام، وأزحفه، وقال الهروي وغيره يقال: أزحف البعير وأزحفه السير بالألف فيهما، وكذا قال الجوهري وغيره، يقال: زحف البعير وأزحف لغتان، وأزحفه السير وأزحف الرجل: وقف بعيره، فحصل أن إنكار الخطابي ليس بمقبول، بل الجميع جائز، ومعنى أزحف: وقف من الكلال والإعياء».

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>