قلت: وفي هذا دلالة على كون ابن عيينة كان يشك فيه أحيانا، هل هو:
عن أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة.
أم: عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
وهذا الشك لا يضر؛ حيث إنه كان يرجع فيجزم بالصواب عنده: عن أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة. وهكذا رواه عنه جمع من ثقات أصحابه، وفيهم راويته وأثبت الناس فيه، أعني: الحميدي.
ورواه نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم [مدني صدوق]، وإسحاق بن حازم [البزاز: مدني، ثقة]:
عن أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ.
علق روايتهما: الواقدي [نقله عنه: أبو القاسم الكعبي البلخي المعتزلي في قبول الأخبار (١/ ٢٩١)]، والدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (٥٩).
قلت: الأشبه عندي أن مصدر ذلك هو الواقدي، وكأن الدارقطني تبعه على ذلك حين صنف الأحاديث التي خولف فيها مالك، بدليل أن الدارقطني لما صنف العلل في آخر عمره، لم يذكر هذين فيمن خالف الجماعة في إسناد هذا الحديث:
فقال: «رواه مالك بن أنس، وموسى بن عقبة، وعبد الرحمن بن إسحاق وهو عباد، وأبو أيوب الإفريقي: عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة.
وخالفهم ابن عيينة؛ فرواه عن أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة. ويشبه أن يكون القولان محفوظين عن أبي الزناد».
فلم يذكر نافعا، ولا إسحاق بن حازم، واقتصر في المخالفة على رواية ابن عيينة وحده، وهذا يلقي بظلاله على عدم حيادية الواقدي حين تهجم على مالك، فقد ذكر من تابعوا مالكا في كفة المخالفين له، حيث قال: «وهذا غلط؛ إنما هو: أبو الزناد، عن موسى بن أبي عثمان التبان عن أبيه، عن أبي هريرة.
روى ذلك: الثوري، وإسحاق بن حازم، والمغيرة بن عبد الرحمن، ونافع بن أبي نعيم، عن أبي الزناد.
وقد علمنا أن الثوري [في أثبت الروايتين عنه]، والمغيرة بن عبد الرحمن: ممن رواه عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة متابعة لمالك، ثم لم نجد طريق نافع، ولا طريق إسحاق بن حازم؛ فكيف نثق بالواقدي بعد ذلك، ونقول بأنهما ممن تابع ابن عيينة على إسناده؟!
وروى هذا الحديث أيضا:
خالد بن عبد الله الواسطي [ثقة ثبت]، وبشر بن المفضل [ثقة متقن]:
حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله ﷺ رأى رجلا يسوق بدنة، قال: «اركبها»، قال: إنها بدنة، قال: اركبها»، قال: إنها بدنة،