للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال الأوزاعي: إذا اشترى أضحية بعدما دخل العشر فإنه يكف عن ذلك حتى يضحي، وإن اشتراها قبل أن يدخل العشر فلا بأس.

فيتحصل في المسألة أربعة أقوال:

أحدها: أنه يجب ترك ذلك في العشر على من يضحي إذا كان واجد الضحية وإن لم يشترها بعد.

والثاني: أن ذلك لا يجب عليه إلا بشرائها في عشر ذي الحجة منذ اشتراها، وإن اشتراها قبل ذي الحجة لم يكن به بأس.

والثالث: أن ذلك يجب عليه في العشر إن اشتراها قبله، وفي بقية إن اشتراها بعد إن مضى بعضه.

والرابع: قول مالك وأصحابه أن ذلك لا يجب عليه بحال على حديث عائشة. وذهب الطحاوي إلى أن حديث عائشة غير معارض لحديث أم سلمة؛ لأن المعنى في حديث عائشة أنه لم يحرم عليه شيء مما أحله الله من أهله حتى ينحر الهدي على ما جاء في بعض الآثار، وفي حديث أم سلمة المنع من حلق الشعر وقص الأظفار لمن أراد أن يضحي في العشر اشترى أضحية أو لم يشترها، وكان واجداً لها فيباح له في العشر الإلمام بأهله على حديث عائشة، ويمنع من حلق الشعر وقص الأظفار على حديث أم سلمة، هذا الذي ذهب إليه الطحاوي، وهو خلاف مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما، وبالله التوفيق.

وقال النووي في شرح مسلم (٩/ ٧٠): «قولها: كان رسول الله يهدي من المدينة فأفتل قلائد هديه ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنب المحرم فيه دليل على استحباب الهدي إلى الحرم، وأن من لم يذهب إليه يُستحب له بعثه مع غيره، واستحباب تقليده وإشعاره كما جاء في الرواية الأخرى بعد هذه، وقد سبق ذكر الخلاف بين العلماء في الإشعار، ومذهبنا ومذهب الجمهور: استحباب الإشعار والتقليد في الإبل والبقر، وأما الغنم فيستحب فيها التقليد وحده، وفيه: استحباب فتل القلائد، وفيه: أن من بعث هديه لا يصير محرماً، ولا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم، وهذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة؛ إلا حكاية رويت عن ابن عباس وابن عمر وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير، وحكاها الخطابي عن أهل الرأي أيضاً: أنه إذا فعله لزمه اجتناب ما يجتنبه المحرم، ولا يصير محرماً من غير نية الإحرام، والصحيح: ما قاله الجمهور؛ لهذه الأحاديث الصحيحة».

ثم قال: «قولها: فتلت قلائد بدن رسول الله بيدي ثم أشعرها وقلدها ثم بعث بها إلى البيت وأقام بالمدينة فما حرم عليه شيء كان له حلالاً: فيه دليل على استحباب الجمع بين الإشعار والتقليد في البدن، وكذلك البقر، وفيه: أنه إذا أرسل هديه أشعره وقلده من بلده، ولو أخذه معه أخر التقليد والإشعار إلى حين يحرم من الميقات أو من غيره، قولها: أنا فتلت تلك القلائد من عهن: هو الصوف، وقيل: الصوف المصبوغ ألواناً».

<<  <  ج: ص:  >  >>