كان إذا رأى هلال ذي الحجة نزع قميصه بذي الحليفة، وقلد هديه، وأشعره من شقه الأيمن، فإذا استوت به راحلته أهل.
وروايته عند ابن حزم مختصرة: أنه كان يشعر في الشق الأيمن حين يريد أن يحرم. أخرجه عبد الرزاق (٥/ ٣٨٣/ ٩٧٩٣ - ط التأصيل)، ومن طريقه ابن حزم في المحلى (٥/ ١٠٢). وعلقه: ابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ٢٣١ - ٢٣٢)، وفي الاستذكار (٤/ ٢٤٧)
وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح على شرط الشيخين، لكنه محمول على ما سبق بيانه، من أن مذهب ابن عمر الإشعار في الشق الأيسر؛ فإن تعسر عليه أشعر في الشق الأيمن، وهذا خلاف سنة النبي ﷺ في الإشعار في الشق الأيمن.
وروى الفضل بن دكين [ثقة ثبت]، وعبد الله بن المبارك [ثقة حجة، إمام فقيه]: عن جعفر بن برقان [الرقي: ثقة]، عن صالح بن فروة، عن ابن عمر ﵄، قال: الشاة لا تقلد. لفظ أبي نعيم [عند ابن أبي شيبة].
ولفظ ابن المبارك: قلت لابن عمر: جئت متمتعا، فهل تجزيني الشاة؟ قال ابن عمر: وهل تقلد الشاة؟
أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٤٦٧/ ١٣٣٥٠ - ط الشثري). والبخاري في التاريخ الكبير (٤/ ٢٨٦)
قلت: صالح بن فروة، ويقال له: صالح بن عروة: مجهول، لا يعرف بغير هذا الأثر [التاريخ الكبير (٤/ ٢٨٦). الجرح والتعديل (٤/ ٤٠٩ و ٤١٠). الثقات (٤/ ٣٧٧). الثقات لابن قطلوبغا (٥/ ٢٩٧)].
قلت: ولو افترضنا جدلا ثبوت هذا الأثر عن ابن عمر، فغايته أن يكون غاب عنه أن النبي ﷺ أهدى غنما مقلدة، وهو حديث الباب، وليس على المكلفين حجة سوى ما ثبت عن رسول الله ﷺ، ومن علم وبلغ عنه ﷺ: حجة على من لم يعلم، وغاب فلم يشهد.
هـ قال محمد بن الحسن: و «بهذا نأخذ التقليد أفضل من الإشعار، والإشعار حسن، والإشعار من الجانب الأيسر، إلا أن تكون صعابا مقرنة لا يستطيع أن يدخل بينها فليشعرها من الجانب الأيسر والأيمن».
قلت: قد ثبت عن النبي ﷺ التقليد والإشعار، وأنه أشعرها في صفحة سنامها الأيمن، وسنة النبي ﷺ أحق أن تتبع، ولا قول لأحد بعد رسول الله ﷺ.
وقال الطحاوي في اختلاف العلماء (٢/ ١٧٤ - اختصار الجصاص): «فإن قيل: قد روى مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: الهدي ما قلد وأشعر، وأوقف بعرفة. وروى أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: كل هدي لا يوقف بعرفة فهو أضحية. قال: وكان ابن عمر يسوق معه البدن من المدينة؟ قيل له: قد روى الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة: أنها سئلت عن التعريف بالبدن فقالت: إن شئت فعرف وإن شئت»