تشريك السبعة في البدنة والبقرة قد وقع أيضا في حجة الوداع، وتشريك السبعة في البدنة والبقرة مشهور عن الصحابة، وراجع كلام الشافعي المنقول قريبا ففيه كفاية.
وقال أبو الفضل القشيري في أحكام القرآن (٤٨٩): «والقوم أيضا ما كانوا حساب سبعين بدنة عن ألف وأربعمائة، كيف تكون البدنة عن سبعة؟ هذا عن عشرين، وقد يجوز أن يفضل بعضهم على بعض في القسم، فتكون إن كانت الأحاديث تصح؛ دفع إلى جابر وستة معه بدنة؛ لأن ما وجب لا ينتقل، ثم عائشة ﵄ تقول: نحر عن نسائه بقرة، وبقرة عن تسعة [من] أزواجه في حجة الوداع، وهذا لم يكن هدي يوم كذا، ولعلها:[نذر] ولا عن واجب، فإن قيل: إن الهدي كان عليهم؛ لأنهم حصروا، قيل: الهدي قد كان أوجب بالإشعار والتقليد من قبل أن يحصروا، ثم لم يذكر أحد من الناس في حديث أنهم استاقوا هديا بعد الحصر، بل كل من روى يذكر سياق الهدي من موضع الإحرام، وفي حديث الزهري عن عروة عن المسور في قصة الحديبية أن الهدي عليه قلائده، قد أكل وبره من طول الحبس، وقد حضر ابن عمر الحديبية، وروي عنه بالأسانيد التي لا تقاس بها الروايات عن جابر: لا يشترك في شيء من الهدي، وإنما ذلك لعلمه أن الاشتراك كان في اللحم دون الذكاة».
قلت: ما قاله منقوض بما تقدم ذكره، وبما سيأتي قريبا، وسيأتي في بعض طرق حديث جابر أن أكثر الصحابة لم يهدي، فقد روى: الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: نحر رسول الله ﷺ عام الحديبية سبعين بدنة، البدنة عن سبعة، وكنا يومئذ ألفا وأربعمائة، ومن لم يضح يومئذ أكثر مما ضحى.
وفي رواية: نحرنا يوم الحديبية سبعين بدنة، كل بدنة عن سبعة، وكان الناس يومئذ ألفا وأربعمائة، وأكثرنا لم يذبح. وفي رواية: وأكثرنا لم ينحر. [وهو حديث صحيح، وسيأتي تخريجه قريبا].
• ورواه محمد بن بشار بندار [ثقة ثبت]، وأبو خيثمة زهير بن حرب [ثقة ثبت، حافظ متقن]، ومحمد بن حسان بن فيروز الأزرق [ثقة]، قالوا:
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي [ثقة ثبت، إمام حجة، من أثبت أصحاب الثوري]: حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: نحرنا يوم الحديبية سبعين بدنة، البدنة عن سبعة، فقال رسول الله ﷺ[يومئذ]: «يشترك النفر في الهدي». لفظ بندار [عند ابن حبان]. ولفظ زهير [عند أبي يعلى]، وابن حسان [عند الدارقطني]: «ليشترك النفر في الهدي».
أخرجه ابن حبان (٩/ ٣١٥/ ٤٠٠٤)، وأبو يعلى (٤/ ١٢٢/ ٢١٥٠)، والدارقطني (٣/ ٢٦٩/ ٢٥٣٣)، وابن الجوزي في التحقيق (١٣٤٦). [الإتحاف (٣/ ٤٠١/ ٣٣١٩)، والمسند المصنف (٥/ ٣٧٢/ ٢٧١٥)].
قال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (٣/ ٥٤٤): «هذا إسناد صحيح، وإن كان غير مخرج في شيء من الكتب الستة، ومحمد بن حسان هو الأزرق، وقد وثقوه».