أن هذا من صحيح حديث ابن إسحاق؛ فإذا هو قد دلَّسه، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني من لا أتهم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس ﵄، فإذا الحديث مضطرب».
قلت: في إسناده مبهم، وقد اضطرب محمد بن إسحاق في هذا الحديث:
فمرة يجعله: عن رجل، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبر، عن ابن عباس.
ومرة يجعله: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي.
ووهم في متنه بإدراج قصة جمل أبي جهل في حجة الوداع، وإنما كان ذلك في الحديبية.
كما وهم في متنه أيضاً حين قال: نحر منها ثلاثين بدنة بيده، والمحفوظ: أن النبي ﷺ نحر ثلاثاً وستين بيده.
• وقد رواه محمد بن عبيد، ويعلى بن عبيد [وهما أخوان ثقتان]:
عن محمد بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي: أن النبي ﷺ أهدى مائة بدنة فيها جمل لأبي جهل. لفظ يعلى [عند الحاكم].
ولفظ محمد ويعلى [مقرونين عند أبي داود]: قال: لما نحر رسول الله ﷺ بدنه، فنحر ثلاثين بيده، وأمرني فنحرت سائرها.
ولفظ محمد بن عبيد [عند أحمد]: لما نحر رسول الله ﷺ بدنه، نحر بيده ثلاثين، وأمرني فنحرت سائرها، وقال: «اقسم لحومها بين الناس وجلودها وجلالها، ولا تُعطين جازراً منها شيئاً».
أخرجه أبو داود (١٧٦٤)، وأحمد (١/ ١٥٩/ ١٣٧٤)، والبيهقي في السنن (٥/ ٢٣٨)، وابن عبد البر في التمهيد (٢/ ١١٢)، والحاكم في معرفة علوم الحديث (١٠٧). [التحفة (٧/ ٩٨/ ١٠٢٢١)، الإتحاف (١١/ ٥٣٥/ ١٤٥٧٦)، المسند المصنف (٢١/ ٢٤٥/ ٩٥٧٥)].
قال البيهقي: «كذا رواه محمد بن اسحاق بن يسار، ورواية جعفر أصح، والله أعلم».
قلت: هذا حديث منكر؛ وهم فيه ابن إسحاق، فقد رواه جماعة من الثقات الأثبات، والأئمة الحفاظ، عن ابن أبي نجيح بغير هذا السياق، وليس فيه قصة جمل أبي جهل.
• فقد رواه سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وأيوب السختياني [وهم ثقات أثبات متقنون]، وغيرهم:
عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي ﵁،