قال: من جاوز الوقت الذي وقت رسول الله ﷺ ولم يحرم منه؛ فلن يغني عنه إن أحرم شيئا حتى يرجع إلى الوقت الذي وقت النبي ﷺ فيحرم منه؛ إلا إنسان أهله من وراء الوقت فيحرم من أهله.
علقه ابن حزم في المحلى (٥/ ٥٧).
قلت: وهذا هو الأشبه مقطوعا على سعيد بن جبير قوله، لكن عتاب بن بشير: صدوق، روى عن خصيف أحاديث منكرة، وقد كانوا ينكرون عليه الموصولات، كما هو مبثوث في كتب السنة والعلل [انظر مثلا: علل ابن أبي حاتم (١٦٩)].
فهو مقطوع على سعيد بن جبير قوله، بإسناد ليس بذاك.
• قال ابن قدامة في المغني (٣/ ٢٥٢): «مسألة: قال: (ومن أراد الإحرام، فجاوز الميقات غير محرم، رجع فأحرم من الميقات، فإن أحرم من مكانه فعليه دم، وإن رجع محرما إلى الميقات)، وجملة ذلك: أن من جاوز الميقات مريدا للنسك غير محرم، فعليه أن يرجع إليه ليحرم منه إن أمكنه، سواء تجاوزه عالما به أو جاهلا، علم تحريم ذلك أو جهله.
فإن رجع إليه، فأحرم منه، فلا شيء عليه، لا نعلم في ذلك خلافا، وبه يقول: جابر بن زيد، والحسن، وسعيد بن جبير، والثوري، والشافعي، وغيرهم؛ لأنه أحرم من الميقات الذي أمر بالإحرام منه، فلم يلزمه شيء، كما لو لم يتجاوزه.
وإن أحرم من دون الميقات فعليه دم، سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع. وبهذا قال مالك، وابن المبارك. وظاهر مذهب الشافعي أنه إن رجع إلى الميقات فلا شيء عليه، إلا أن يكون قد تلبس بشيء من أفعال الحج، كالوقوف، وطواف القدوم، فيستقر الدم عليه؛ لأنه حصل محرما في الميقات قبل التلبس بأفعال الحج، فلم يلزمه دم، كما لو أحرم منه. وعن أبي حنيفة: إن رجع إلى الميقات فلبى، سقط عنه الدم، وإن لم يلب، لم يسقط. وعن عطاء، والحسن، والنخعي: لا شيء على من ترك الميقات. وعن سعيد بن جبير: لا حج لمن ترك الميقات.
ولنا ما روى ابن عباس، عن النبي ﷺ أنه قال:«من ترك نسكا، فعليه دم»، روي موقوفا ومرفوعا، ولأنه أحرم دون ميقاته، فاستقر عليه الدم، كما لو لم يرجع، أو كما لو طاف عند الشافعي، أو كما لو لم يلب عند أبي حنيفة، ولأنه ترك الإحرام من ميقاته، فلزمه الدم، كما ذكرنا، ولأن الدم وجب لتركه الإحرام من الميقات، ولا يزول هذا برجوعه ولا بتلبيته، وفارق ما إذا رجع قبل إحرامه فأحرم منه، فإنه لم يترك الإحرام منه، ولم يهتكه».
وقال أحمد في رواية أبي طالب عنه:«وإذا دخل مكة بغير إحرام؛ فإن كان عليه وقت وأراد الحج رجع إلى الميقات فأهل منه، ولا دم عليه، فإن خاف الفوات أحرم من مكة، وعليه دم». [زاد المسافر (٢/ ٥١٢/ ١٥٥٧)].