الحسن البصري، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وأحمد، وإسحاق: الاستطاعة الزاد والراحلة».
ثم قال: «ولا يثبت في هذا الباب حديث مسند».
ثم قال: «وكان الشافعي يقول: الاستطاعة: وجهان، أحدهما: أن يكون مستطيعا ببدنه واجدا من ماله ما يبلغه الحج، والثانية: أن يكون مضنونا في بدنه، لا يثبت على مركب، وهو قادر على من يطيعه إذا أمره أن يحج عنه بأجرة وغير أجرة» [وانظر: الأم (٣/ ٢٨٨)].
قلت: قد سبقهم الشافعي إلى تضعيف أحاديث الزاد والراحلة، حيث قال في الأم (٣/ ٢٨٨): «قد روي أحاديث عن النبي ﷺ تدل على ألا يجب المشي على أحد إلى الحج؛ وإن أطاقه، غير أن منها منقطعة، ومنها ما يمتنع أهل العلم بالحديث من تثبيته».
وقد فسره أحمد وإسحاق بالزاد والراحلة [مسائل عبد الله بن أحمد (٧٣٦)، مسائل أبي داود (٧١٠)، مسائل الكوسج (١٣٦٧)].
وقال ابن بطال في شرح البخاري (٤/ ١٨٥): «واختلفوا في الاستطاعة، فذهبت طائفة إلى أن من قدر على الوصول إلى البيت ببدنه فقد لزمه فرض الحج وإن لم يجد راحلة، وهو بمنزلة من يجد الراحلة ولا يقدر على المشي، وهو قول: ابن الزبير وعكرمة والضحاك، وبه قال مالك، وذهب الحسن البصري ومجاهد وسعيد بن جبير إلى أن الاستطاعة: الزاد والراحلة، وبه قال أبو حنيفة والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق».
وانظر: أحكام القرآن للطحاوي (١١٢٣)، المعونة للقاضي عبد الوهاب (٥٠٠)، شرح الرسالة (٢/ ٨٧)، الحاوي للماوردي (٤/٧).
فمن لم يجد زادا وراحلة؛ فهل يستقرض؟
روى سفيان الثوري، عن طارق بن عبد الرحمن [الأحمسي البجلي الكوفي: صدوق]، قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى، قلت: رجل لم يحج، أيستقرض ويحج؟ قال: لا، ولكن يسترزق الله [وفي رواية: يسترزق الله، ولا يستقرض].
قال سفيان: ونقول: إذا كان له وفاء، فلا بأس بأن يستقرض.
أخرجه الشافعي في الأم (٣/ ٢٨٩/ ٩٥٥)، وفي المسند (١٠٩)، وعبد الرزاق (٥/ ٣٥٧/ ٩٦٤٢ - ط التأصيل)، وابن أبي شيبة (٣/ ٤٤٩/ ١٥٨٦٥)، والبيهقي في السنن (٤/ ٣٣٣)، وفي المعرفة (٧/٢١/٩١٧٢).
وهذا موقوف على ابن أبي أوفى بإسناد جيد.
وصح عن محمد بن المنكدر، أنه كان يستقرض ويحج [أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٤٤٩/ ١٥٨٦٦ و ١٥٨٦٧)، والبلاذري في أنساب الأشراف (١٠/ ١٦٢)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٥١/ ٥٦)].