للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ولهذا الحديث بموضع الشاهد أسانيد أخرى، وفي الصحيح غنية [انظر: الإتحاف (١١/١٣١/١٣٨٠٥)، المسند المصنف (٢٠/٢٨٨/٩٢٥١)] [وانظر فيمن تتبع طرقها: ما أخرجه ابن صاعد في الثالث من مناسك الحج (٢١٣ - ٢٢٩)، والدارقطني (٣/ ٢٢٤ - ٢٢٦/ ٢٤٣٧ - ٢٤٣٩)]

• وقد احتجوا في ذلك أيضاً بعمومات لا تقوى على معارضة هذا الخاص المبين الذي يقضى به على العام والمطلق والمجمل.

والجواب عن هذا: بأن الإخبار عما يكون بعد النبي مما هو من دلائل نبوته ، إنما هو إخبار عن أمر غيبي يقع بعد وفاته ، ولا يؤخذ من مثل هذه الأخبار أحكام الحلال والحرام، وإنما تؤخذ الأحكام من النصوص التي سيقت أصالة لبيان حكم الشرع، والله أعلم.

تنبيه في شرح حديث ابن عباس:

قال النووي في شرحه على مسلم (٩/ ١٠٩): «قوله : «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم»؛ هذا استثناء منقطع؛ لأنه متى كان معها محرم لم تبق خلوة، فتقدير الحديث: لا يقعدنَّ رجل مع امرأة إلا ومعها محرم، وقوله : «ومعها ذو محرم»؛ يحتمل أن يريد محرماً لها، ويحتمل أن يريد محرماً لها، أو له، وهذا الاحتمال الثاني هو الجاري على قواعد الفقهاء؛ فإنه لا فرق بين أن يكون معها محرم لها كابنها وأخيها وأمها وأختها، أو يكون محرماً له كأخته وبنته وعمته وخالته، فيجوز القعود معها في هذه الأحوال، ثم إن الحديث مخصوص أيضاً بالزوج، فإنه لو كان معها زوجها كان كالمحرم وأولى بالجواز، وأما إذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما فهو حرام باتفاق العلماء، وكذا لو كان معهما من لا يستحى منه لصغره؛ كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك؛ فإن وجوده كالعدم، وكذا لو اجتمع رجال بامرأة أجنبية فهو حرام؛ بخلاف ما لو اجتمع رجل بنسوة أجانب؛ فإن الصحيح جوازه».

قلت: الأولى أن تفسر النصوص ببعضها، لاسيما مع ورود النصين في سياق واحد، والنص الآخر قد جاء مقيداً كما في حديث أبي هريرة وأبي سعيد:

ففي حديث أبي هريرة مرفوعاً: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة، إلا مع ذي محرم منها».

وفي رواية: «لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة، إلا ومعها رجل ذو حرمة منها».

وفي حديث أبي سعيد مرفوعاً: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً، إلا ومعها أبوها، أو ابنها، أو زوجها، أو أخوها، أو ذو محرم منها».

ففي هذين الحديثين بيان جنس المحرم الذي يكون مع المرأة، سواء في السفر أو لرفع الخلوة في الحضر، وأنه يكون رجلاً؛ كما في رواية الليث بن سعد عن سعيد المقبري

<<  <  ج: ص:  >  >>