واحتج ابن حزم على قوله هذا؛ بأن قال:«وأما حديث عكرمة: فمرسل؛ كما حدثنا محمد بن سعيد بن نبات: نا إسماعيل بن إسحاق النصري: نا عيسى بن حبيب قاضي أشونة، قال: نا عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ: نا جدي محمد بن عبد الله بن يزيد: نا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، قال: قدم رجل من سفر، فقال له رسول الله ﷺ: «قد نزلت على فلانة؛ فأغلقت عليها بابك؟» مرتين.
فهذا هو حديث عمرو بن دينار عن عكرمة، اختلط على ابن جريج، فلم يدر أحدثه به عمرو بن دينار عن عكرمة؟ أم حدثه به عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس؟ وأدخل فيه ذكر الحج بالشك؛ ولا تثبت الحجة بخبر مشكوك في إسناده، أو في إرساله، وبالله تعالى التوفيق».
قلت: هذا غريب من حديث ابن عيينة، ولم أعثر عليه من وجه آخر، والإسناد إليه مجهول، نعم؛ الراوي عن ابن عيينة؛ هو: ابن المقرئ، وهو ثقة، مشهور بالرواية عن ابن عيينة، والراوي عنه حفيده: عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وهو: مكي ثقة، حدث عن جده ابن المقرئ بحديث ابن عيينة، وهو آخر من روى عن جده من الثقات، حمل عنه أهل الأمصار، واشتهر حديثه [الإرشاد (١/ ٣٨٥)، تاريخ الإسلام (٧/ ٦٦١ - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (٦/ ٢٦٩)].
وأما عيسى بن حبيب القاضي، وإسماعيل بن إسحاق النصري: فلم أعثر لهما على ترجمة، ومحمد بن سعيد بن نبات: أندلسي، أكثر عنه ابن حزم في المحلى، وقال عنه أبو عبد الله الحميدي في جذوة المقتبس (٦٦): «شيخ من شيوخ الحديث»، وليس بالمشهور، ويقال له أيضا: محمد بن سعيد بن عمر بن نبات [إكمال ابن ماكولا (١/ ٤٤٤ و ٥٥٤)، بغية الملتمس (١٣٥)، الأنساب (١٣/٢٢)، توضيح المشتبه (١/ ٦١٠)].
ولا يحتمل التفرد بحديث ابن المقرئ عن ابن عيينة بمثل هذا الإسناد الأندلسي المجهول.
وعليه: فلا يستعمل مثله في إعلال حديث ابن جريج، والله أعلم.
قال ابن حجر في الفتح (٤/ ٧٥): «رواه عبد الرزاق، عن ابن جريج وابن عيينة، كلاهما عن عمرو، عن أبي معبد به.
ولعمرو بهذا الإسناد حديث آخر: أخرجه عبد الرزاق وغيره، عن ابن عيينة عنه، عن عكرمة، قال: جاء رجل إلى المدينة، فقال له رسول الله ﷺ: «أَيْنَ نَزَلْتَ؟» قال: على فلانة، قال:«أأغلقت عليها بابك؟ مرتين، لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم»، ورواه عبد الرزاق أيضا: عن ابن جريج، عن عمرو: أخبرني عكرمة، أو: أبو معبد، عن ابن عباس. قلت: والمحفوظ في هذا: مرسل عكرمة، وفي الآخر: رواية أبي معبد عن ابن عباس».