للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عنه في الصحيح، فكيف يفوتهما حديث عبد الكريم الثقة الثبت، ثم يحملانه عن رجل هو أنزل منه رتبة بكثير!!

كل هذا مما يجعل النفس لا تطمئن لثبوت حديث عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير، لاسيما وقد أخرج أصحاب السنن أحاديث بهذه الترجمة [انظر: التحفة (٥٥٤٨ - ٥٥٥٠)]، فهو حديث غريب من حديث عبد الكريم بن مالك الجزري عن سعيد بن جبير، ولا أظنه يثبت من حديثه.

ولو فرضنا جدلاً ثبوته، وقلنا بأن الحديث معروف عن سعيد بن جبير بهذين الوجهين، فيبقى فيه الشك في صحابي هذا الحديث الذي رواه عنه سعيد بن جبير، هل رواه سعيد عن عبد الله بن عباس، أم عن أخيه الفضل، وكلاهما صحابي، والاختلاف في اسم الصحابي لا يضر، لكن الفضل بن العباس قديم الموت، مات في خلافة أبي بكرٍ رضي عنه، على الأرجح [التاريخ الكبير (٧/ ١١٤)، الاستيعاب (٣/ ١٢٦٩)، تاريخ الإسلام (٣/ ١٨٢)، التهذيب (٣/ ٣٩٢)، الإصابة (٥/ ٣٧٥)]، فيبقى فيه احتمال الإرسال، لكون سعيد بن جبير لم يكن ولد بعد عند وفاة الفضل، فإنه على أبعد تقدير يمكن أن يقال بأن سعيداً ولد سنة (٣٨)، يعني بعد وفاة أبي بكر الصديق بخمس وعشرين سنة على الأقل، وقد جزم البخاري بأن سعيداً لم يدرك أيام علي بن أبي طالب [انظر: التهذيب (٢/١٠)، تحفة التحصيل (١٢٤)].

• وعليه: فالحديث لا يصح؛ إذ لا يثبت عندنا اتصاله، فضلاً عن تفرد أبي إسرائيل الملائي به عن فضيل بن عمرو، ولا يحتمل تفرده به، فإنه ممن يروي ما لا يتابع عليه، وقد أنكر الإمام أحمد هذا الحديث على أبي إسرائيل الملائي، وامتنع عبد الرحمن بن مهدي من التحديث به، ثم أين أصحاب سعيد بن جبير؟ فقد روى عنه خلائق؛ فأين بعضهم عن رواية هذا الحديث عنه؟ والله أعلم.

فإن قيل: للحديث طريق أخرى:

• رواه أبو معاوية [محمد بن خازم الضرير: ثقة، ثبت في الأعمش، وقد يهم في حديث غيره]: ثنا الحسن بن عمرو الفُقَيْمي [كوفي، ثقة ثبت، من السادسة]، عن مهران أبي صفوان، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله : «من أراد الحج فليتعجل». أخرجه أبو داود (١٧٣٢)، والدارمي (١٩٣٦ - ط البشائر)، والحاكم (١/ ٤٤٨)، وأحمد (١/ ٢٢٥/ ١٩٧٣)، وابن أبي شيبة (٨/ ٢٧١/ ١٣٨٧٢ - ط عوامة)، وعبد بن حميد (٧٢٠)، وحرب الكرماني في جزء من حديثه (٧)، والدولابي في الكنى (٢/ ٦٦٨/ ١١٧٩)، وابن سمعون في الأمالي (١٨٢)، وأبو طاهر المخلص في السابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (١) (١٣٣٢ - المخلصيات)، والبيهقي (٤/ ٣٣٩)، والخطيب في التاريخ (٦/ ١٩٦)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (١٠٤٤). [التحفة (٤/ ٧٢١/ ٦٥٠١)، الإتحاف (٨/ ٩٥/ ٩٠٠١)، المسند المصنف (١٢/ ١٠٨/ ٥٧٦٤)].

<<  <  ج: ص:  >  >>