وسماك بن حرب: صدوق، تكلم فيه لأجل اضطرابه في حديث عكرمة خاصة، وكان لما كبر ساء حفظه؛ فربما لقن فتلقن، وأما رواية القدماء عنه فهي مستقيمة، قال يعقوب بن شيبة:«وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح، وليس من المتثبتين، ومن سمع منه قديماً - مثل شعبة وسفيان - فحديثهم عنه: صحيح مستقيم» [انظر: الأحاديث المتقدمة برقم (٦٨ و ٣٧٥ و ٤٤٧ و ٦٢٢ و ٦٥٦) وغيرها]، وهو هنا يروي عن عكرمة، ولم يروه عنه من قدماء أصحابه: سفيان الثوري وشعبة، ممن ضبطوا حديثه، قال ابن المديني:«روايته عن عكرمة مضطربة، فسفيان وشعبة يجعلونها عن عكرمة، وأبو الأحوص وإسرائيل يجعلونها عن عكرمة عن ابن عباس» [تاريخ دمشق (٤١/ ٩٧)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧٩٧)، التهذيب (٣/ ٥١٧)، الميزان (٢/ ٢٣٢)].
قلت: وليس هذا في كل ما يرويه إسرائيل وأبو الأحوص عن سماك، فقد وجدت أنهما يتابعان سفيان وشعبة في كثير مما يرويانه عن سماك من صحيح حديثه، وقد أخرج لهما مسلم عن سماك، وقد وجدت في طبقة من سمع من سماك قديما ممن استقام حديثهم عن سماك: سفيان الثوري، وشعبة، وزهير بن معاوية، وزكريا بن أبي زائدة، وزائدة بن قدامة، وإسرائيل.
وهذا حديث صحيح، حيث لم يغلط فيه سماك على عكرمة، بجعله من مسند ابن عباس؛ حيث قد ثبت عن ابن عباس من وجه آخر: رواه ابن شهاب الزهري، عن أبي سنان الدولي يزيد بن أمية، عن ابن عباس، والله أعلم.
• تنبيهان: الأول: زاد الوليد بن أبي ثور [عند الدارقطني]: فقام آخر، فقال: أحُجَّ مكان أبي؛ فإنه شيخ كبير؟ فقال:«حُجَّ مكان أبيك».
وهي زيادة باطلة، شيخ الدارقطني فيه: محمد بن القاسم بن زكريا، وهو: كذاب، يحدث بما لم يسمع، يؤمن بالرجعة [سؤالات حمزة السهمي (٣٨ و ٦٩)، المغني (٢/ ٦٢٥)، السير (١٥/ ٧٣)، اللسان (٧/ ٤٤٩)]، وقد رواه ابن عدي من وجه آخر من طريق الوليد به بدون هذه الزيادة.
• والثاني: قال محمد بن خالد [عند الدارقطني]: قيل: يا رسول الله الحج كل عام؟ قال:«لا بل حجة»، قيل: فما السبيل إليه؟ قال:«الزاد والراحلة».
وهذه الزيادة: فما السبيل إليه؟ قال:«الزاد والراحلة»: زيادة باطلة؛ فإن الراوي عن محمد بن خالد: حصين بن مخارق، وهو: منكر الحديث، متروك، قال الدارقطني:«يضع الحديث»، وخفى أمره على الطبراني فقال:«ثقة» [الضعفاء والمتروكين (١٧٩)، الميزان (١/ ٥٥٤) و (٤/ ٥١١)، اللسان (٢/ ٣٨٩)، الدراية (٢/٣٨)]، والإسناد إليه: مجهول، وشيخ الدارقطني: أحمد بن محمد بن سعيد، هو: أبو العباس ابن عقدة، الحافظ المكثر: شيعي، اختلف الناس فيه، ضعفه غير واحد بسبب كثرة الغرائب والمناكير في حديثه، وقد كذب الدارقطني من اتهمه بالوضع، وقال:«إنما بلاؤه من هذه الوجادات»، وقال