قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن أبي حازم سلمة بن دينار المدني، دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم واختلاف بلدانهم. موسى بن يعقوب الزمعي: قال ابن معين وابن القطان الفاسي: «ثقة»، وقال أبو داود:«هو صالح، روى عنه ابن مهدي، وله مشايخ مجهولون»، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي:«وهو عندي لا بأس به وبرواياته».
لكن قال ابن المديني:«ضعيف الحديث، منكر الحديث»، وقال أحمد بن حنبل:«لا يعجبني حديثه»، وقال النسائي:«ليس بالقوي»، وقال ابن حبان في المشاهير:«وكان يغرب»، وقال الدارقطني:«ولا يحتج به»، وقال الساجي:«وقد روى عن عمه أبي عبيدة حديثاً منكراً ليس عليه العمل … » [انظر: تاريخ الدوري (٣/ ١٥٧/ ٦٧٢)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (٢/ ٣٣٦/ ٣٢٣١ - السفر الثالث)، ضعفاء النسائي (٥٥٣)، الجرح والتعديل (٨/ ١٦٧)، علل الحديث لابن أبي حاتم (١/ ٣٠٩/ ٩٢٩)، الثقات (٧/ ٤٥٨)، مشاهير علماء الأمصار (١١١٤)، الكامل (٦/ ٣٤٣)، علل الدارقطني (٥/ ١١٣)، تاريخ أسماء الثقات (١٣٤٩)، الميزان (٤/ ٢٢٧)، تاريخ الإسلام (٤/ ٢٣٨ - ط الغرب)، إكمال مغلطاي (١٢/٤٣)، التهذيب (٤/ ١٩٢)، وغيرها] [تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (١٩٦)]. والجرح هنا مفسر، وهو مقدم على التعديل؛ إذ مع الجارح زيادة علم لم يطلع عليها المعدل، أو اطلع عليها وتسامح فيها.
فإن قيل: موسى بن يعقوب الزمعي: مدني، وهو أخص بأهل المدينة من الغرباء، فيحتمل تفرده عن أبي حازم المدني، فيقال: قد قدم عليه أبو حاتم وأبو زرعة خالد بن عبد الله الواسطي، في حديث روياه [أعني: الزمعي وخالداً] عن عبد الرحمن بن إسحاق، واختلفا عليه فيه، وقال أبو حاتم وأبو زرعة في حديث الزمعي:«هذا خطأ»، وجعل أبو زرعة الخطأ فيه من الزمعي [العلل (٩٢٩)].
وقدَّم أبو حاتم مرة رواية الزمعي على رواية الدراوردي، وذلك لاشتهار طريق الزمعي من وجوه أخرى، فهي قرينة على كون طريقه محفوظاً [العلل (٢٦١٣)].
ووهم أبو حاتم الزمعي مرةً أخرى في حديث رواه عن أبي حازم سلمة بن دينار المدني [العلل (٢٧٨٠)].
وذكر الدارقطني في العلل (٥/ ١١٢/ ٧٥٩) الاختلاف على موسى بن يعقوب الزمعي في حديث ابن مسعود مرفوعاً: «إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة»، ثم قال:«والاضطراب فيه من موسى بن يعقوب، ولا يحتج به».
ووهمه في موضع آخر من العلل (١٤/ ١٦٨/ ٣٥١٠) في حديث رواه عن أبي حازم، وخالف فيه ثقات أصحاب أبي حازم.
وانظر أيضاً في أوهامه: أطراف الغرائب والأفراد (٢٢٢ و ٣٤٩٢ و ٣٧١٠ و ٥٠٨١ و ٦٢٧٠ و ٦٢٩٣ و ٦٣٩٤).
فدل تصرف الأئمة على أنه لم يكن عندهم بالثقة، الذي يحتمل تفرده عن الثقات