والحارث بن عطية، يَسوي الحديث ويسرقه، ويروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم»، وضعفه الدارقطني، وقال الحاكم:«روى عنه جماعة من أهل الشام أحاديث موضوعة»، وقال أبو نعيم الأصبهاني:«روى عن وكيع وحجاج بن محمد بالموضوعات، … ، ساقط»، واستفتح الذهبي ترجمته في الميزان بقوله:«أحد المتروكين»، ثم ختمها بقوله:«هذا رجل كذاب»، وقال في المغني:«متروك متهم» [المجروحين (١/ ١١٦)، ضعفاء الدارقطني (٢١)، المدخل إلى الصحيح (٥)، ضعفاء أبي نعيم (١٠)، تاريخ الإسلام (٥/ ١٠٨٠ - ط الغرب)، الميزان (١/٤٠)، المغني (١٠٩)، اللسان (١/ ٣٠٢)].
قلت: يعلى بن مسلم مكي أصله من البصرة: ثقة، من السادسة، روى له الشيخان، ويعلى بن حكيم الثقفي مولاهم مكي، سكن البصرة؛ ثقة، من السادسة، روى له الشيخان وكلاهما: روى عن عكرمة، وكلاهما يروي عنه ابن جريج. [انظر: تاريخ ابن معين رواية الدوري (٣/ ٧٩/ ٣٢٣) و (٣/ ١٣٥/ ٥٦٨ و ٥٧٠)، التهذيب (٤/ ٤٤٩ و ٤٥١)]؛ فلا يضر عدم تمييزه؛ فالإسناد كيفما دار، دار على ثقة، مع اتصال سنده، وشهرته بالرواية عمن فوقه، وكذلك من دونه، والأشبه أن يكون يعلى بن مسلم، والله أعلم.
وهذا حديث صحيح، متصل الإسناد، أخرجه البخاري في صحيحه، وأعرض عن ذكر حديث ابن المسيب والحسن البصري عن سعد في السقيا، وليس في حديث ابن عباس أن سعداً سأل النبي ﷺ عن أي الصدقة أفضل، ولا أن النبي ﷺ أرشده إلى سقيا الماء، ولكن سعد بن عبادة هو الذي أشهد النبي ﷺ ابتداء أنه تصدق عنها بحائطه المخراف، ولم يتطرق فيه إلى إرشاد النبي ﷺ له أن يتصدق عنها بسقيا الماء، والله أعلم.
وأما ما ثبت عن الحسن البصري، أنه رأى سقيا سعد لأمه، وقال بأن سعداً جعل صهريجين بالمدينة، وفي رواية: فنصب سعد سقايتين بالمدينة، قال الحسن: فربما سعيت بينهما وأنا غلام.
فلا تعارض بينهما، فيكون سعد قد أشهد النبي ﷺ على صدقته عن أمه بالبستان، ثم بعد ذلك تصدق عنها بالسقايتين من قبل نفسه، زيادة في برها بعد موتها، لا أن النبي ﷺ أرشده لذلك، إذ لا يثبت في ذلك إسناد، والله أعلم.
ب - ورواه الحسين بن عيسى [البسطامي الدامغاني: ثقة، روى له الشيخان]، وعباد بن زياد الساجي [صدوق]:
قالا: أنبأنا سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن سعداً سأل النبي ﷺ: إن أمي ماتت ولم توص، أفأتصدق عنها؟ قال:«نعم».
أخرجه النسائي في المجتبى (٦/ ٢٥٢/ ٣٦٥٤)، وفي الكبرى (٦/ ١٦٣/ ٦٤٤٨)، والخطيب في المبهمات (٢/ ١٠٤)، وفي تلخيص المتشابه في الرسم (٢/ ٧٩٣). [التحفة (٤/ ٥٩٩/ ٦١٦٤)، المسند المصنف (١٢/٣٥/٥٦٩٥)].