قلت: لم أقف على تحديث جرير بن حازم عن ابن أبي نجيح؛ إلا عند عبد الغني، وقد جاءت روايته عنه بالعنعنة عند الطحاوي والطبراني، وأخشى أن يكون ذكر التحديث غلطاً من بعض الرواة؛ لا سيما وقد قال البيهقي في سننه (٥/ ٢٣٠) في حديث رواه: حسين بن محمد المروذي: ثنا جرير بن حازم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس؛ أن النبي ﷺ أهدى في هديه بعيراً كان لأبي جهل في أنفه برة من فضة، قال البيهقي:«وهذا إسناد صحيح؛ إلا أنهم يرون أن جرير بن حازم أخذه من محمد بن إسحاق، ثم دلسه، فإن بين فيه سماع جرير من ابن أبي نجيح صار الحديث صحيحاً، والله أعلم». [انظر لبيان هذا المعنى: ما أخرجه أحمد (١/ ٢٦١/ ٢٣٦٢) و (١/ ٢٧٣/ ٢٤٦٦)، وأبو داود (١٧٤٩)، والبزار (٤٩١٠) و (٤٩١١)، وابن خزيمة (٢٨٩٧ و ٢٨٩٨)، والطبراني في الكبير (١١/ ٩١/ ١١١٤٧) و (١١/ ٩٢/ ١١١٤٨)، والحاكم (١/ ٤٦٧)(١٧٣٣ - ط الميمان)، والبيهقي (٥/ ١٨٥)، وغيرهم] [وهو حديث مشهور من رواية ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، مثل ما وقع في حديثنا].
وعليه فيبقى احتمال كون جرير بن حازم أخذ حديثه هذا عن ابن إسحاق، فيرجع بذلك إلى حديث ابن إسحاق، وليس فيه الجملة الأخيرة:«إنما يُعتق من له فضل، وإلا فإنما يعود على نفسه»، والله أعلم.
وهذه الجملة قد جاء معناها من طرق أخرى من حديث جابر، كما تقدم معنا في طرق الحديث، وجرير بن حازم بصري، ثقة، تقبل زيادته، لكنه ليس بالمكثر عن ابن أبي نجيح المكي، بخلاف ابن إسحاق المدني؛ فإنه مكثر جداً عن شيخه ابن أبي نجيح، كما أن جرير بن حازم يروي عن ابن إسحاق، بل ويروي حديث ابن أبي نجيح بواسطة ابن إسحاق، وهذا مما يجعل في النفس شيء من تصحيح هذه الرواية، والله أعلم.
٣ - حديث أبي أمامة:
رواه أبو نوح قُراد عبد الرحمن بن غزوان، وعمر بن يونس اليمامي، وعمرو بن مرزوق، وعنبسة بن عبد الواحد، والنضر بن محمد بن موسى الجرشي اليمامي [وهم ثقات]، وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي [صدوق]:
حدثنا عكرمة بن عمار: حدثنا شداد بن عبد الله، قال: سمعت أبا أمامة، يقول: سمعت رسول الله ﷺ، يقول:«يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك، وأن تمسكه شر لك، ولا تُلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى».
أخرجه مسلم (١٠٣٦)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٦٤٨).
٤ - حديث أبي سعيد الخدري:
رواه ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن أبي سعيد الخدري؛ أن رسول الله ﷺ قال:«إن الصدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول، ولا يلوم الله على الكفاف، واليد العليا خير من اليد السفلى».