قلت: هذا الحديث وهم، لعله وقع بسبب انتقال البصر؛ إنما هو قول ابن عيينة مقطوعاً عليه قوله.
فقد رواه أبو علي الطوسي [الحسن بن علي بن نصر الطوسي، صاحب المستخرج على الترمذي، وهو: ثقة حافظ. طبقات المحدثين (٤/ ٢٩٥)، الإرشاد (٣/ ٨٦٦)، السير (١٤/ ٢٨٧)]، وابن الجارود [عبد الله بن علي بن الجارود، صاحب المنتقى: ثقة حافظ متقن. تذكرة الحفاظ (٣/ ٧٩٤)، تاريخ الإسلام (٧/ ١١٩ - ط الغرب)، السير (١٤/ ٢٣٩)]
قالا: حدثنا ابن المقرئ [محمد بن عبد الله بن يزيد]، قال: ثنا سفيان [بن عيينة]، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ﵁، أن رسول الله ﷺ، قال:«لا يمنع فضل الماء؛ ليمنع به الكلا».
قال سفيان: وثلاثة لا يمنعن: الماء والكلأ والنار.
أخرجه ابن الجارود (٥٩٦)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام»(٥/ ٤٦٩/ ١١٧٨)
وقد رواه ابن حزم في المحلى (٧/ ٥٥٩) مقتصراً على قول ابن عيينة وحده: من طريق: عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد [عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ: مكي ثقة، حدث عن جده ابن المقرئ بحديث ابن عيينة، وهو آخر من روى عن جده من الثقات، حمل عنه أهل الأمصار، واشتهر حديثه. الإرشاد (١/ ٣٨٥)، تاريخ الإسلام (٧/ ٦٦١ - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (٦/ ٢٦٩)]: أنا جدي محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، قال: قال لنا سفيان بن عيينة: ثلاث لا يمنعن: الماء، والكلأ، والنار.
فتبين بذلك: أن المرفوع في هذا الحديث هو كما رواه جماعة الحفاظ عن أبي الزناد، ثم كما رواه جماعة الحفاظ من أصحاب ابن عيينة، عن ابن عيينة بلفظ:«لا يمنع فضل الماء؛ ليمنع به الكلا».
ثم زاد ابن عيينة بعد ذلك من قوله مقطوعاً عليه تفقهاً: وثلاثة لا يمنعن: الماء والكلأ والنار. فانتقل بصر القارئ، فأدرج قول ابن عيينة مكان الحديث المرفوع، والله أعلم.