رواه أبو عمر الغداني عن أبي هريرة، قال فيه: قيل: وما حق الإبل يا أبا هريرة؟ قال: يعطي الكريمة، ويمنح الغزيرة، ويفقر الظهر، ويطرق الفحل، ويسقي اللبن. ورواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة، وقال في الحديث:«ما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها»، ولم يذكر غير الزكاة».
قلت: أما رواية أبي عمر الموقوفة في تفسير حق الإبل، فجاء فيها تفصيل لم يرد في المرفوع، وإنما الذي جاء في المرفوع الحلب يوم الورد حسب؛ تنبيها بأحد أفراد الجنس على بقية أفراد العموم، ولم ينفرد به هشام بن سعد، تابعه: حفص بن ميسرة، ولم يتفق الرواة عن سهيل على لفظ الزكاة، فقد رواه حماد بن سلمة بلفظ الحق، كما ذكر بلفظ الحق أيضا: بكير ابن الأشج عن أبي صالح، والأعرج عن أبي هريرة، كما ثبت الرفع أيضا من حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة [عند البخاري، ويأتي]، ومن حديث عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة [عند البخاري، ويأتي]، والصحيح عندي عدم إدراج هذه الجملة، وأنها من المرفوع، لا سيما وقد جاءت أيضا من حديث جابر، ومرسل عبيد بن عمير، ويأتيان؛ فلا تصح دعوى الإدراج في هذا الموضع، لثبوت الرفع بأسانيد صحاح، أخرجها أرباب الصحاح؛ البخاري ومسلم، كما أن الموقوف على أبي هريرة قد اشتمل على جواب سؤال سائل، فاحتاج إلى تكلف البيان المفصل؛ بما لم يرد تفصيله في المرفوع، حيث إن المرفوع نبه فقط على أحد أفراد الجنس؛ ليعلم به ما كان في معناه، فبينه أبو هريرة للسائل؛ فلا يرجع على أصل المرفوع حينئذ بالإبطال، والله أعلم.
• هكذا روى هذا الحديث:
محمد بن إسماعيل بن أبي فديك [مدني، صدوق]، وعبد الله بن وهب [ثقة حافظ]:
كلاهما عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة ﵁، مرفوعا.
• خالفهما: الليث بن سعد [وعنه: يحيى بن عبد الله بن بكير، وعبد الله بن صالح]: حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، أنه قال: إن رسول الله ﷺ قال: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها، إلا جعلت له يوم القيامة صفائح، ثم أحمي عليها في نار جهنم، ثم كوي بها جبهته وجبينه وظهره، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي الله بين الناس، فيرى سبيله إما إلى جنة، وإما إلى النار.
وما من صاحب إبل لا يؤدي حقها، ومن حقها: حلبها يوم وردها، إلا أتي به يوم القيامة، لا يفقد منها فصيلا واحدا، ثم بطح بها بقاع قرقر، ووطئته بأخفافها، وعضته بأفواهها، كلما مر عليها آخرها كر عليه أولها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي الله بين الناس، فيرى سبيله إما إلى جنة وإما إلى نار.
وما من صاحب بقر ولا غنم، لا يؤدي حقها، إلا أتي بها يوم القيامة، ثم بطح لها