الذي أتى به همام، وإنما ذكروا فيه وصف حال زوج بريرة، وأنها اختارت نفسها، وانفرد همام بهذه الزيادة عن قتادة دون شعبة وابن أبي عروبة وحماد، ثم إن البخاري أخذ من رواية همام ما تابعه عليه شعبة، بل جاءت روايته عنده من طريق أبي الوليد الطيالسي مقرونة برواية شعبة، فكأن الاعتماد عنده كان على شعبة، وهمام في ذلك متابع له، وأعرض عن رواية من رواه عن همام بتمامه بالقضيات الأربعة، مثل عفان بن مسلم، وحبان بن هلال، وهدبة بن خالد، وبهز بن أسد، وغيرهم، وقد أعرض مسلم عن حديث عكرمة عن ابن عباس برمته، ثم أعرض أيضا عن إخراج حديث همام بهذا اللفظ في القضيات الأربعة: أصحاب السنن الأربعة: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وكذا الدارمي، وبقية أصحاب الصحاح، وغيرهم.
ومن المعلوم أن شعبة وهشاما الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة: هم أثبت أصحاب قتادة؛ فإذا اختلفوا قدمنا رواية الاثنين على الواحد منهم، قال البرديجي:«إذا روى هشام وسعيد بن أبي عروبة شيئا، وخالفهما شعبة، فالقول قولهما»، وقال، «وإذا اتفق هشام وسعيد بن أبي عروبة من رواية أهل التثبت عنهما، وخالفهما شعبة: كان القول قول هشام وسعيد»، وقال أيضا:«وإذا اختلفوا في حديث واحد فإن القول فيه: قول رجلين من الثلاثة» [شرح علل الترمذي (٢/ ٦٩٦)].
قلت: فكيف إذا اتفق شعبة وابن أبي عروبة وحماد بن سلمة، وخالفهم: همام، وهو من طبقة الشيوخ من أصحاب قتادة.
وفي هذا يقول البرديجي:«وإذا روى حماد بن سلمة، وهمام، وأبان، ونحوهم من الشيوخ، عن قتادة عن أنس عن النبي ﷺ حديثا، وخالف سعيد، أو هشام، أو شعبة، كان القول، قول هشام وسعيد وشعبة على الانفراد» [الجامع لأخلاق الراوي (٢/ ٢٩٧/ ١٩٠٤)، شرح علل الترمذي (٢/ ٦٩٥)]، قلت: فكيف بالاجتماع؟.
فإن قيل: ألم يقل علي بن المديني في أصحاب قتادة: «كان هشام أرواهم عنه، وكان سعيد أعلمهم به، وكان شعبة أعلمهم بما سمع قتادة، وما لم يسمع، ولم يكن همام عندي بدون القوم في قتادة»؟ [السير (٧/ ٢٩٨)، التهذيب (٤/ ٢٨٤)].
ألم يقل عمرو بن علي الفلاس: الأثبات من أصحاب قتادة: ابن أبي عروبة، وهشام، وشعبة، وهمام رابع القوم عندي؟ ألم يقل ابن المبارك:«همام: ثبت في قتادة»؟
ألم يقل ابن عدي:«أحاديثه مستقيمة عن قتادة»؟ [الكامل (٨/ ٤٤٣)، السير (٧/ ٣٠٠)، التهذيب (٥/ ٢٨٥)].
فيقال، هذا إذا انفرد همام عن قتادة بحديث قبلناه، أما إذا شاركهم في حديث فخالفهم؛ فالقول قول الجماعة دونه؛ على ما قال البرديجي.
ثم إن هماما لم يجمع النقاد على توثيقه، بل تكلم في حفظه بعضهم، وأنه كان ربما غلط في الحديث؛ بل قال عفان: كان همام لا يكاد يرجع إلى كتابه، ولا ينظر فيه، وكان