قلت: وبذا يظهر أن مسلماً أبهم اسمه عمداً، ولم يسمه عبيد الله، لوهم راويه فيه، وإنما هو في رواية الحفاظ: عبد الله مكبراً، وليس مصغراً.
وقال البخاري في التاريخ الكبير (٦/ ١٥٤/ ٦٣٨٤ - ط الناشر المتميز) (٥/ ١٢٦): «عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي؛ أخو إسحاق: سمع أباه، سمع منه الزهري.
وقال وكيع: عبيد الله بن عبد الله بن الحارث. والأول أصح، هو أخو إسحاق».
وقال أبو حاتم في الجرح والتعديل (٥/ ٩١): «عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، أخو إسحاق، ويقال، عبيد الله بن عبد الله، وعبد الله أصح، روى عن أبيه، روى عنه الزهري».
قلت: وقد روى جماعة من ثقات أصحاب الزهري، منهم: مالك، وشعيب بن أبي حمزة، ومعمر بن راشد، وسفيان بن عيينة، وصالح بن كيسان، وغيرهم، عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل غير هذا الحديث، ووهم من قال فيه: عبيد الله، لذا كنى عنه مسلم عمداً؛ كما قال أبو مسعود.
ومحمد بن الوليد بن عامر الزبيدي الحمصي: ثقة ثبت، من أثبت الناس في الزهري، صحبه عشر سنين، قدمه الأوزاعي على أصحاب الزهري، وقدمه أبو حاتم في الزهري على معمر [التهذيب (٣/ ٧٢٣)، شرح علل الترمذي (٢/ ٦٧١)]، قال الجوزجاني: «فإذا صحت الرواية عن الزبيدي؛ فهو من أثبت الناس فيه» [شرح علل الترمذي (٢/ ٦٧٤)]، وقد ثبتت عنه، ولله الحمد، هذا بعض ما قلته في الموضع المشار إليه؛ لبيان كون شيخ الزهري في هذه الأحاديث الثلاثة إنما هو: عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
• قال الدارقطني في التتبع (٣١): «أخرج مسلم حديث عبد المطلب بن ربيعة الطويل من حديث مالك، ويونس، عن الزهري، وقد اختلفا؛
فقال مالك: عن الزهري، عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل.
وقال يونس: عن الزهري، عن عبد الله بن الحارث.
ورواه هشيم، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن محمد بن عبد الله بن الحارث». قلت: لا عتب على مسلم في إخراج هذا الحديث الصحيح، وقد سبق آنفاً أن حررت كون شيخ الزهري فيه هو: عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل المدني، ومالك أعلم الناس بأهل المدينة، وهو الحكم فيهم؛ فقد أصاب في نسبه، وقصر به يونس فنسبه لجده، ووهم ابن إسحاق فسماه محمداً، والله أعلم.
فإن قيل: وقع في رواية جويرية: عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث؛ فيقال، القلب وقع فيه ممن دون مالك، فإن مالكاً سماه على الصواب في حديث الطاعون، أو