للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفي هذين الحديثين امتنع النبي من أكل التمرة الساقطة؛ سواء كانت في الطريق، أم في البيت، أم على الفراش، بينما جاء حديث عمرو بن شعيب بمخالفة ذلك؛ فأثبت أنه أكلها، وقد سبق أن فصلت القول في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مراراً، ومما قلت عند الحديث رقم (١٥٦٣) [منقولاً منه بتصرف]:

قال الإمام أحمد في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أنا أكتب حديثه، وربما احتججنا به، وربما وجس في القلب منه شيء»، وقال، «أصحاب الحديث إذا شاؤوا احتجوا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وإذا شاؤوا تركوه».

وقال الذهبي في الميزان (٣/ ٢٦٦): «وبعضهم تعلل بأنها صحيفة رواها وجادة، ولهذا تجنبها أصحاب الصحيح، والتصحيف يدخل على الرواية من الصحف بخلاف المشافهة بالسماع»، وقال في السير (٥/ ١٧٤): «وما أدري هل حفظ شعيب شيئاً من أبيه أم لا؟ وأنا عارف بأنه لازم جده وسمع منه، وأما تعليل بعضهم بأنها صحيفة، وروايتها وجادة بلا سماع، فمن جهة أن الصحف يدخل في روايتها التصحيف؛ لا سيما في ذلك العصر إذ لا شكل بعد في الصحف ولا نقط، بخلاف الأخذ من أفواه الرجال».

وقد سبق الكلام عن سلسلة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في فضل الرحيم الودود (٢/ ١١٥/ ١٣٥)، وخلاصة ما قلت هناك:

أن الصحيح في إسناد عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أنه لا يقبل مطلقاً؛ فيصحح أو يحسن بمجرد الإسناد، ولا يرد مطلقاً؛ فيضعف بمجرد الإسناد، ولكن ينظر في المتن فإن أتى بمتن معروف له أصل يشهد له: قُبل، وإن أتى بما يُنكر رُدَّ، والله أعلم. ولم آت في ذلك بشيء جديد؛ فها هو الذهبي يقول في ترجمته من السير (٥/ ١٧٧): «قلت: الضعفاء الراوون عنه مثل: المثنى بن الصباح، ومحمد بن عبيد الله العرزمي، وحجاج بن أرطاة، وابن لهيعة، وإسحاق بن أبي فروة، والضحاك بن حمزة، ونحوهم، فإذا انفرد هذا الضرب عنه بشيء، ضُعف نخاعه، ولم يحتج به، بل وإذا روى عنه رجل مختلف فيه؛ كأسامة بن زيد، وهشام بن سعد، وابن إسحاق: ففي النفس منه، والأولى أن لا يحتج به، بخلاف رواية حسين المعلم، وسليمان بن موسى الفقيه، وأيوب السختياني، فالأولى أن يحتج بذلك؛ إن لم يكن اللفظ شاذاً ولا منكراً.

فقد قال أحمد بن حنبل إمام الجماعة: له أشياء مناكير».

قلت: والحاصل فإن هذا الحديث الذي انفرد فيه عمرو بن شعيب بذكر الأكل من التمر الساقط؛ الذي لا يُدرى أهو من تمر الصدقة أم لا: حديث منكر، والله أعلم.

لا سيما؛ وقد تفرد به عن عمرو بن شعيب: أسامة بن زيد الليثي مولاهم، وهو: صدوق، صحيح الكتاب، إلا أنه يخطئ إذا حدث من حفظه، وقد أنكروا عليه أحاديث [تقدمت ترجمته مفصلة عند الأحاديث رقم (٣٩٤ و ٦٠٠ و ٦١٩)، وانظر: ما تحت الحديث رقم (١٥٩٣)].

<<  <  ج: ص:  >  >>