للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فيقال: هو حديث خطأ، أخطأ فيه مجالد على الشعبي، والمحفوظ فيه عن الشعبي:

عن عمر، قال: «من سأل الناس ليثري ماله، فهو رضف من جهنم يتلقمه، فمن شاء استقل، ومن شاء استكثر»، موقوفاً عليه، والله أعلم.

كما أن المحفوظ في حديث حبشي: هو ما رواه أبو إسحاق عن حبشي بن جنادة مرفوعاً: «من سأل من غير فقر، فكأنما يأكل الجمر»، وهو حديث صحيح، والله أعلم.

وقد تقدم تخريجه تحت الحديث السابق برقم (١٦٣٤)، فليراجع.

وإن قيل: جاء معناه في حديث قبيصة، فإن الثلاثة الذين أحلت لهم المسألة في حديث قبيصة: رجل تحمل حمالة، وهو صاحب الغرم المفظع، ورجل أصابته فاقة، وهو صاحب الفقر المدقع، وافترقا بعد ذلك، فانفرد حديث قبيصة برجل أصابته جائحة، وهو من هلك ماله من وجه ظاهر للناس، ويمكن دخوله في عموم الفقر المدقع لضياع ماله، أو في عموم الغرم المفظع لتحمله ديوناً لا يقدر على أدائها، وانفرد حديث أنس بصاحب الدم الموجع، وقد فسر بأن يتحمل الرجل الدية فيسعى فيها حتى يؤديها إلى أولياء المقتول.

[انظر: غريب الحديث للخطابي (١/ ١٤٣)]، وهو صاحب الحمالة في حديث قبيصة؛ فظهر بذلك وقوع المتابعة التامة لهذه الخصال الثلاث في حديث قبيصة [وقد ذهب أبو عبيد والخطابي لاتفاق الحديثين في هاتيك الثلاث. غريب الحديث لأبي عبيد (٣/ ٤٣٤)، غريب الحديث للخطابي (١/ ١٤٣)] [قال أبو عبيد: «وأما حديث ابن عمر [لعله سبق قلم؛ إنما هو حديث أنس]: «إن المسألة لا تحل إلا من فقر مدقع، أو غرم مفظع، أو دم موجع»؛ فإن هذه الخلال الثلاث هي تلك التي في حديث أيوب عن هارون بن رياب [يعني: حديث قبيصة بن المخارق]، عن النبي بأعيانها؛ إلا أن الألفاظ اختلفت فيهما»]، وبهذا يكون ما رواه أبو بكر الحنفي عن أنس: لم ينفرد فيه بشيء لم يتابع عليه، سوى انفراده بسياق القصة.

لكن يبقى اختلاف سبب الورود في القصتين، فحديث قبيصة إنما ورد على سؤال قبيصة الإعانة على ما تحمل من حمالة في قومه، وأما حديث أنس فكان وارداً على مجيء الأنصاري يسأل من الصدقة لشدة الفاقة، وعنده في بيته حلس وقعب، فأتى بهما وبيعا لمن يزيد بدرهمين، فاشترى بأحدهما طعاماً وبالآخر قدوماً يحتطب به، ويكتسب ما يغنيه عن المسألة، أما حديث قبيصة فلم نحتج فيه للشاهد لمجيئه من طريق صحيح، صححه مسلم وجماعة من النقاد، ووثق النقاد رجاله، وأما حديث أنس: فلم يصرح بتصحيحه أحد يعتمد قوله في التصحيح إلا ابن الجارود حيث أدخله في منتقاه، والنسائي حيث احتج بحديث أنس وحده في باب بيع المزايدة، وفي مثل هذا يقول ابن عدي: أدخله النسائي في صحاحه. [انظر: الكامل (٢/ ٣٨١)]، وأما تحسين الترمذي له فهو على قاعدته التي شرحناها مراراً. [انظر: تخريج الذكر والدعاء (١/٧٧/٤٦)]، فإن تحسين الترمذي للحديث ليس دليلاً على ثبوت الحديث عنده، وإنما الأصل فيه أنه داخل في قسم الضعيف

<<  <  ج: ص:  >  >>