قلت: إنما هو حديث حكيم بن جبير، ووهم من كناه بأبي إسحاق، فإما أن يكون سلك به الجادة والطريق السهل، فإن غالب حديث إسرائيل عن جده أبي إسحاق السبيعي، أو يكون قد دلس حكيم بن جبير، فكناه بأبي إسحاق تعمية لحاله، والله أعلم.
• وقد تقدم معنا في تخريج أحاديث الذكر والدعاء (٣/ ١٠٩١/ ٥٣٧) مثالاً لهذا:
حيث روى حماد بن واقد، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود مرفوعاً: «سلوا الله من فضله؛ فإن الله يحب أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج» [أخرجه الترمذي (٣٥٧١)، وغيره].
وهذا حديث منكر؛ تفرد به حماد بن واقد [وهو: منكر الحديث]، عن إسرائيل بهذا الإسناد.
وخالفه: ثقتان حافظان ثبتان: وكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين؛ فروياه عن إسرائيل، عن حكيم بن جبير، عن رجل، عن النبي ﷺ، مرسلاً، وهو الصواب [راجع: تخريجه في الموضع المشار إليه من تخريج الذكر والدعاء].
- ورواه سفيان بن عيينة [ثقة حافظ]، عن عمار بن رزيق [لا بأس به]، عن حكيم بن جبير، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله ﷺ: «ما من أحد له خمسون درهماً، أو عدله من الذهب تحل له الصدقة».
قال البيهقي في المعرفة (٩/ ٣٢٩/ ١٣٣٣٣): وقد رواه الشافعي في كتاب حرملة، عن سفيان به.
قلت: لم أره موصولاً من حديث ابن عيينة.
٤ - ورواه يحيى بن صالح الوحاظي [حمصي، ثقة]: ثنا حماد بن شعيب الحماني الكوفي [ضعفوه، وقال البخاري: «فيه نظر». اللسان (٣/ ٢٧٠)]: ثنا حكيم بن جبير، عن محمد بن عبد الرحمن النخعي، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، هـ، قال: قال رسول الله ﷺ: «من سأل وله ما يغنيه، جاء يوم القيامة وفي وجهه كدوح، وخدوش، أو شيناً»، قيل: يا رسول الله وما يغنيه؟ قال: «خمسون درهماً، أو شأنها من ذهب».
أخرجه أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج [ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام (٦/ ٩٧٥ - ط الغرب)، ونعته في السير (١٣/ ٥٠٥) بقوله: «المحدث، العالم، الثقة»] في نسخة يحيى بن صالح الوحاظي (٨٢ - ضمن نسخة أبي مسهر ويحيى بن صالح وغيرهما)، وعنه: ابن عدي في الكامل (٣/١٧) (٣/ ٣٢٦/ ٤٤٨٤ - ط الرشد)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٥١/ ٢٣٧).
قال ابن عدي بعد أن أورده في ترجمة حماد بن شعيب: «ولحماد بن شعيب غير ما ذكرت من الحديث، وأحاديثه يرويها عن الثقات، وأكثرها مما لا يتابع عليه، وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه.
• قال البيهقي في المعرفة (٩/ ٣٢٩): تفرد به حكم بن جبير، وليس بالقوي».