قد وهم في هذا الإسناد، فجعله عن حماد بن زيد عن أيوب، فلما روجع فيه، قال: هو عن خالد الحذاء، لكن يشكل عندنا كون المقدمي قد رواه عن حماد بزيادة: نصف صاع من بر.
وفي هذا الأثر اختلاف آخر في الإسناد، حيث رواه اثنان من الثقات مرسلا، خلافا لرواية حماد الموصولة:
• رواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة]، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عثمان قال: صاع من تمر، أو نصف صاع من بر.
أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٣٩٦/ ١٠٣٣٥)(٦/ ٢٨٤/ ١٠٦٢٦ - ط الشثري).
• تابعه على إرساله: عبد الله بن المبارك [ثقة حافظ، ثبت حجة، إمام فقيه]، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، قال: قال عثمان في صدقة رمضان: عن الصغير والكبير، والحر والعبد، والذكر والأنثى، حتى ذكر الحمل؛ صاعا من تمر، أو نصف صاع من بر، عن كل إنسان.
أخرجه ابن زنجويه في الأموال (٢٣٧٤).
وهذا مرسل؛ أبو قلابة: لم يدرك عثمان.
قلت: أخشى أن يكون هذا الاختلاف من قبل خالد الحذاء، لا من قبل الثقات الذين اختلفوا عليه، فرواه عنه حماد بن زيد موصولا، وأرسله: عبد الله بن المبارك، وعبد الوهاب الثقفي.
وخالد بن مهران الحذاء: وثقه أحمد وابن معين والنسائي وابن سعد والعجلي، وضعف أمره ابن علية، وقال حماد بن زيد:«قدم علينا قدمة من الشام، فكأنا أنكرنا حفظه»، وقال أبو حاتم:«يكتب حديثه، ولا يحتج به» [ضعفاء العقيلي (٢/٤)، الجرح والتعديل (٣/ ٣٥٢)، الثقات (٦/ ٢٥٣)، مشاهير علماء الأمصار (١٢٠٥)، التعديل والتجريح (٢/ ٥٥٢)، السير (٦/ ١٩٠)، التهذيب (١/ ٥٣٣)] [وقد وقعت له بعض الأوهام، كما مر معنا في فضل الرحيم الودود (١١/ ٣١٨/ ١٠٥٩)، وما تحت الحديث رقم (١٣٨١)].
قلت: وهذا الأثر عن عثمان مداره على خالد الحذاء، وقد اختلف الثقات الحفاظ عليه في وصله وإرساله، وهو يشكل مع حديث أبي سعيد الخدري، والذي أخبرنا بأن أول من عدل بصاع من التمر مدين من حنطة: كان هو معاوية بن أبي سفيان بعدما استخلف، وأن عهد الخلفاء الراشدين كان على صاع صاع، وكذلك ابن عمر، حيث قال: إني أعطي ما كان يعطي أصحابي، سلكوا طريقا فأريد أن أسلكه؛ فلو كان عثمان ممن قال بنصف صاع من البر، لما أغفل ذلك ابن عمر، ولما أخبر عن عموم الصحابة بأنهم سلكوا طريقا خلاف ما فعله الناس بعد، من التعديل الواقع في عهد معاوية، والله أعلم.
ولذلك: فالأقرب عندي اضطراب خالد الحذاء في هذا الأثر، وأنه لا يثبت عن عثمان بن عفان فيه القول بنصف صاع من البر، والله أعلم.