لكونه أسهل على الفقير في الانتفاع به، وانتفاء المانع؛ لعدم المشقة على الصحابة في إخراجه، والله أعلم.
والمشهور في هذا الحديث إنما هو عن ابن عباس قوله، غير مرفوع، وهو الأشبه بالصواب، وهذا أيضاً وجه من إنكار أبي حاتم له.
وأما زيادة السويق والدقيق، موضع الشك، فهي زيادة منكرة.
والثابت عن ابن عباس من قوله: صاع من طعام، ولا يثبت عنه نصف صاع من بر.
قال البيهقي في السنن: «وهذا أيضاً مرسل، محمد بن سيرين: لم يسمع من ابن عباس شيئاً؛ إلا أنه يوافق حديث أبي رجاء العطاردي الموصول عن ابن عباس، فهو أولى أن يكون صحيحاً، وما شك فيه الراوي ولا شاهد له؛ فلا اعتداد به، والله أعلم»؛ يعني: الدقيق والسويق؛ فلا يشهد له حديث أبي رجاء العطاردي.
وقال في الخلافيات: «رواته ثقات؛ إلا أن فيه إرسالاً؛ محمد بن سيرين: لم يسمع من ابن عباس في قول أكثر أئمة أهل الحديث».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ١٣٥): «ولم يسمع الحسن ولا ابن سيرين هذا الحديث من ابن عباس، وقد سمعه منه أبو رجاء».
• تنبيه: وهم بعضهم في إسناده فجعله من حديث أيوب السختياني عن ابن سيرين، إنما يرويه أيوب من حديث أبي رجاء العطاردي، كما سيأتي:
فرواه محمد بن بشار [بندار: ثقة ثبت]: حدثنا عبد الوهاب: حدثنا أيوب، عن محمد، عن ابن عباس؛ أنه كان يقول: صدقة رمضان: صاع من طعام؛ من جاء ببر قبل منه، ومن جاء بشعير قبل منه، ومن جاء بتمر قبل منه، ومن جاء بسلت قبل منه، ومن جاء بزبيب قبل منه، وأحسبه قال: ومن جاء بسويق أو دقيق قبل منه.
أخرجه ابن خزيمة (٤/ ٨٩/ ٢٤١٧). [الإتحاف (٨/٤٧/٨٨٨٠)، المسند المصنف (١٢/٤١/٥٧٠١)].
قلت: قد اشتهر هذا الحديث من حديث هشام بن حسان عن ابن سيرين، ورواه أيضاً: قرة بن خالد عن ابن سيرين، وأما حديث أيوب، فيرويه حماد بن زيد، عن أيوب، قال: سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: سمعت ابن عباس يخطب على المنبر، وهو يقول: صدقة الفطر صاع من طعام. ويأتي تخريجه.
وإنما رواه أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي [ثقة]، عن عبد الوهاب الثقفي، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس. وهو الصواب، والله أعلم. لكن الراجح فيه الوقف على ابن عباس؛ لا الرفع.
قلت: محمد بن سيرين لم يسمع من ابن عباس شيئاً، وأحاديثه عن ابن عباس إنما ثبته فيها عكرمة، لقيه أيام المختار فسمع منه أحاديث ابن عباس [راجع: فضل الرحيم الودود (٢/ ١٩٠/ ٣٨٥)]، قال بذلك: شعبة، وخالد الحذاء، وأحمد بن حنبل، وعلي بن